عاجل

ترقيات البترول تثير جدلًا واسعًا: الكفاءة غائبة وتدوير الوجوه مستمر

تعبيرية
تعبيرية

أثارت حركة الترقيات الأخيرة في وزارة البترول والثروة المعدنية، والتي اعتمدها المهندس كريم بدوي وزير البترول، جدلًا واسعًا داخل أوساط العاملين بالقطاع، وسط تساؤلات حول معايير الاختيار وجدوى تغيير القيادات دون تغيير فعلي في الأداء.

 

ورغم إعلان الوزارة أن هذه الترقيات تأتي في إطار تجديد الدماء وتحفيز الكفاءات القيادية، إلا أن الانتقادات سرعان ما تصاعدت، مع تأكيد العديد من العاملين والمراقبين أن الحركة افتقدت إلى معايير الشفافية والعدالة، وشهدت إعادة تدوير وجوه سبق أن تولت مناصب تنفيذية دون نتائج ملموسة.

 

كفاءات مهمشة وتكليفات متراكمة

 

مصادر مطلعة من داخل القطاع، رفضت الإفصاح عن هويتها، أكدت أن الترقيات الأخيرة كرّست ظاهرة "تدوير المناصب" بين مجموعة محدودة من القيادات، بعضها سبق وأن فشل في مهام سابقة ولم يحقق تطورًا يُذكر في أداء شركاته، مما يثير تساؤلات حول أسباب الإصرار على استمرارهم في مواقع اتخاذ القرار.

 

وأوضحت المصادر أن هذا النمط من الترقيات يُقصي الكفاءات الشابة والمتوسطة، التي لم تُمنح الفرصة لإثبات قدرتها على القيادة، رغم امتلاكها للرؤية والخبرة الفنية والإدارية، وهو ما يمثل إهدارًا صريحًا لرأس المال البشري في وقتٍ يحتاج فيه القطاع إلى حلول غير تقليدية لمواجهة تحدياته المتراكمة.

 

ترقيات "تحت الطلب"

 

الأمر لم يقتصر على غياب الكفاءة، بل امتد إلى ما وصفه بعض العاملين بـ"ترقيات تحت الطلب" في عدد من الشركات التابعة للشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، حيث بدا أن الولاء الشخصي هو معيار الترقية الأهم، لا الكفاءة ولا الخبرة.

 

وتداول العاملون أمثلة صارخة على هذا النمط، من بينها ترقية مساعد رئيس إحدى الشركات للشؤون المالية، رغم أنه حاصل فقط على "معهد تعاون"، في مخالفة للوائح التي تشترط مؤهلًا جامعيًا مناسبًا – بكالوريوس تجارة قسم محاسبة – لشغل هذا المنصب، علمًا بأن المعني قضى سنوات خدمته السابقة في الشؤون الإدارية لا المالية.

 

وفي شركة أخرى، تم تمرير حركة ترقيات من قبل لجنة كانت قد حُلّت رسميًا، ثم أعيد تشكيلها لاحقًا لإضفاء الطابع "القانوني"، وشملت الترقية أسماء من خارج إداراتهم الأصلية، مع استبعاد ممنهج لكل من سبق وقدم شكوى أو أبدى اعتراضًا على الأوضاع، بمن فيهم مديرو عموم يتمتعون بخبرة طويلة.

وفي تصعيد خطير، تم رصد محاولات لتشويه سمعة بعض العاملين عبر تقارير ملفقة ، ما يعكس انزلاق آليات التقييم إلى أدوات تصفية حسابات شخصية ومؤسسية.

 

دعوات لمراجعة آليات الاختيار

 

في المقابل، دعت أصوات من داخل القطاع إلى ضرورة مراجعة شاملة لمنظومة الترقيات والتكليفات، تعتمد على تقييم الأداء الفعلي والنتائج المحققة، مع وضع سقف زمني لتولي المناصب، بما يسمح بضخ دماء جديدة وتجديد أدوات الإدارة.

 

ويأتي هذا الجدل في وقت حساس يواجه فيه القطاع تحديات كبيرة في ملفات الإنتاج، وجذب الاستثمار، وإعادة هيكلة الشركات، وسداد المديونيات، ما يرفع من أهمية اختيار القيادات القادرة على التغيير لا مجرد شغل المناصب.

فبينما تمثل الترقيات والتدوير سُنة تنظيمية طبيعية في أي مؤسسة، إلا أن غياب المعايير الموضوعية يهدد بتكريس الجمود الإداري ويُفقد القطاع قدرته على النهوض في واحدة من أكثر مراحله خطورة.

تم نسخ الرابط