عاجل

خبير اقتصادي: الديون المصرية تتراجع رقميًا وتتصاعد واقعيًا وارتفاع الفوائد

تعبيرية
تعبيرية

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تحولات جذرية في سياسات إدارة الدين العام، في ظل جهود حثيثة لتحقيق الاستدامة المالية وتجنب المخاطر المرتبطة بارتفاع أعباء خدمة الدين. 

وتُظهر البيانات الرسمية انخفاضًا تدريجيًا في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مدعومًا بتحسين الإيرادات الضريبية وبرامج الإصلاح الهيكلي، لكن التحديات تظل قائمة في ظل بيئة اقتصادية إقليمية ودولية معقدة.

تطور إيجابي على الورق 

في غضون ذلك أوضح الدكتور أحمد إمام، الخبير الاقتصادي، أن تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 91% بنهاية يونيو 2024 يُعد تطورًا إيجابيًا على الورق، لكنه لا يعكس بالضرورة تحسنًا حقيقيًا في هيكل الدين أو قدرة الدولة على السداد، خاصة في ظل استمرار الاعتماد على أدوات الديون قصيرة الأجل، وارتفاع فاتورة الفوائد التي تستهلك الجزء الأكبر من إيرادات الموازنة.

خدمة الدين الخارجي

وأكد في تصريح خاص لـ"نيوز رووم" أن إجمالي خدمة الدين الخارجي خلال عام 2025 وحده يتجاوز 22 مليار دولار، وهو رقم ضخم يعكس حجم الضغوط الواقعة على المالية العامة، لا سيما مع تراجع موارد النقد الأجنبي من قناة السويس والسياحة، وارتفاع تكلفة الاقتراض الدولي بسبب أسعار الفائدة العالمية.

 

وأضاف أن الحكومة تستهدف خفض الدين إلى 81% من الناتج بحلول يونيو 2026، عبر تحسين الفائض الأولي وتوجيه عائدات برنامج الطروحات الحكومية لسداد الديون، لكنه حذر من أن استمرار الاعتماد على الديون قصيرة الأجل – التي تمثل 72% من إجمالي الدين المحلي – يزيد من مخاطر السيولة ويضعف قدرة الدولة على التخطيط المالي طويل الأجل.

 

اتساع الفوائد وضغط على الموازنة

 

وبلغ الدين المحلي نحو 9.515 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2024، وارتفعت فوائده لتستحوذ على 84% من إيرادات الموازنة في أول 10 أشهر من عام 2024/2025، بينما بلغت تكلفة خدمة الدين المحلي 1.65 تريليون جنيه، بزيادة 32.5% عن العام السابق.

 

ضغط السداد وتذبذب الأرصدة

 

وسجل الدين الخارجي 155.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024، وتجاوزت أعباء سداده خلال 2025 مبلغ 22.4 مليار دولار. وتخطط الحكومة لخفض ديون أجهزة الموازنة إلى 77-78 مليار دولار بحلول منتصف 2025، عبر تنويع أدوات التمويل وتقليل القروض مرتفعة التكلفة.

 

شروط مشددة وتقدم محدود

 

وتواصل مصر تنفيذ برنامج التسهيل الائتماني الممتد مع صندوق النقد بقيمة 8 مليارات دولار، حيث تم سداد 60% من الالتزامات، ومن المقرر صرف الشريحة الخامسة في يونيو 2025. 

وتطالب الشروط بتحسين كفاءة الجباية الضريبية، وتحرير سعر الصرف، وتسريع برنامج التخارج من الأصول الحكومية.

 

التحديات والمخاطر

وحذر إمام من أن ضعف الإيرادات الضريبية – التي لم تتجاوز 14% من الناتج – يمثل عائقًا كبيرًا أمام خفض العجز، كما أن تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 40% يمثل تهديدًا حقيقيًا للتدفقات الدولارية.

 

واختتم إمام تصريحه قائلاً: "تحقيق استدامة مالية حقيقية يتطلب رؤية متكاملة لإدارة الدين والنمو معًا، فلا يمكن للاقتصاد أن ينهض في ظل استمرار الضغط على الموازنة العامة وخروج الكفاءات وضعف الإنتاجية.

المسألة لم تعد فنية فقط، بل تتعلق بالحوكمة السياسية والاقتصادية بشكل عام."

تم نسخ الرابط