ميتا تخطط لاستثمار 10 مليارات دولار في الذكاء الاصطناعي Scale AI

كشفت تقارير عالمية عن دخول شركة ميتا Meta – المالكة لفيسبوك وإنستجرام وواتساب – في مفاوضات متقدمة لاستثمار ضخم يتجاوز 10 مليارات دولار في شركة "سكيل إيه آي" Scale AI، المختصة في مجال تصنيف البيانات وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ويعد هذا الاستثمار – وفقًا لما نشره موقع بلومبرج – الأكبر من نوعه لميتا في شركة خارجية، مما يعكس مدى التزام الشركة بتعزيز مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي الذي تحتدم المنافسة فيه عالميًا.

الاستثمار في Scale AI يتجاوز مجرد التمويل

ووفقًا لما نشرته وكالة بلومبرج الاقتصادية يوم السبت 8 يونيو 2025، فإن ميتا تخطط لضخ استثمار استراتيجي يتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار في شركة "سكيل إيه آي"، ما يُعد واحدًا من أكبر الاستثمارات الخاصة في تاريخ صناعة الذكاء الاصطناعي. وتعمل Scale AI – ومقرها سان فرانسيسكو – على تصنيف وتجهيز كميات ضخمة من البيانات التي تُستخدم في تدريب النماذج الذكية، وهو ما يعتبر "الوقود الأساسي" لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

بلومبرج أوضحت أن الصفقة لا تزال قيد التفاوض وقد تخضع للتغيير، إلا أن طبيعة المحادثات تعكس مدى جدية ميتا في اقتحام مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أوسع أبوابه.

رويترز: الاستثمار يدعم تحول ميتا نحو البيانات المفتوحة

من جانبها، أكدت وكالة رويترز العالمية أن هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة تحركات تقوم بها ميتا لتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما بعد إطلاق نماذجها مفتوحة المصدر مثل Llama 3 وLlama 4، إلى جانب مساعدها الذكي Meta AI الذي تسعى من خلاله لمنافسة ChatGPT من OpenAI وGemini من Google.

كما أشار التقرير إلى أن Scale AI تعد من الشركات الرائدة في هذا القطاع، حيث تقدم أدوات متقدمة لمعالجة البيانات وتجهيزها لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وهو ما تحتاجه ميتا لتعزيز نماذجها وتقديم حلول أكثر تطورًا ودقة.

ما هي شركة Scale AI؟ ولماذا هذا الاستثمار تحديدًا؟

تأسست شركة Scale AI عام 2016 على يد "ألكسندر وانغ"، وهي متخصصة في تصنيف وتوسيم البيانات الخاصة بتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وقد أصبحت الشركة واحدة من أهم مزوّدي البيانات النظيفة للشركات العملاقة، خاصةً تلك العاملة في مجالات الدفاع، السيارات ذاتية القيادة، والصحة الرقمية.

ووفقًا لموقع Business Standard، بلغت القيمة السوقية لشركة Scale AI مؤخرًا نحو 14 مليار دولار، وهي من الشركات القليلة التي استطاعت الحفاظ على نموها رغم التحديات الاقتصادية.

ولعل اختيار ميتا للاستثمار في هذه الشركة تحديدًا، يعكس إدراكها لأهمية امتلاك القدرة على الوصول إلى بيانات عالية الجودة، باعتبارها الركيزة الأساسية لتطوير أي نموذج ناجح في الذكاء الاصطناعي.

ميتا تستعد لحرب الذكاء الاصطناعي من بوابة البنية التحتية

لا يخفى على أحد أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت، أمازون، وألفابت (جوجل) قد سبقت ميتا بخطوات في الاستثمار المباشر في الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد نجاح شراكة مايكروسوفت مع OpenAI، لذلك يبدو أن ميتا قررت هذه المرة الدخول بقوة إلى ساحة المنافسة، ولكن عبر زاوية مختلفة: التحكم في بنية البيانات ذاتها.

ووفق تحليل نشرته بلومبرج، فإن ضخ هذا المبلغ الهائل في شركة مختصة بتصنيف البيانات يعطي ميتا ميزة تنافسية مهمة، لأنها ستمتلك القدرة على التحكم في تدفق البيانات التي تُستخدم لتغذية نماذجها، مما يساعدها على تحسين جودة نتائج الذكاء الاصطناعي ورفع كفاءة منتجاتها الذكية.

ما علاقة هذا الاستثمار بالتحول نحو الذكاء المفتوح؟

تعمل ميتا خلال الأشهر الأخيرة على تعزيز دعمها للنماذج مفتوحة المصدر، وكان ذلك واضحًا من خلال إعلانها عن نموذج Llama 4، الذي اعتبره الخبراء الأكثر تنافسية بين النماذج المجانية حتى الآن. ويبدو أن صفقة Scale AI تأتي كخطوة تكميلية لهذه الرؤية، إذ أن وجود شريك قوي في معالجة البيانات سيساعد على توفير موارد مفتوحة وقوية للباحثين والمطورين حول العالم.

الجدير بالذكر أن Scale AI لديها منصة تُدعى DataHub، تُعد بمثابة سوق للبيانات عالية الجودة، ويشارك فيها آلاف المبرمجين من أكثر من 9000 مدينة، هذا التوسع العالمي يعزز رؤية ميتا في دعم تقنيات الذكاء الاصطناعي المفتوحة القابلة للتطوير بشكل جماعي.

إنفاق غير مسبوق على الذكاء الاصطناعي في ميتا

يأتي هذا الاستثمار في إطار خطة أوسع أعلنت عنها ميتا مطلع هذا العام، تقضي بزيادة ميزانية الذكاء الاصطناعي بشكل ضخم، ووفق مصادر تقنية، من المتوقع أن تنفق ميتا ما بين 60 إلى 65 مليار دولار خلال عام 2025 فقط على تطوير الذكاء الاصطناعي، بما يشمل شراء معالجات رسوميات، بناء مراكز بيانات، وتوظيف فرق بحثية عالمية.

وقد أوضح "مارك زوكربيرج" المدير التنفيذي لميتا بأن الشركة تسعى "لإنشاء أكبر وأقوى بنية تحتية في العالم لتطوير الذكاء الاصطناعي"، وهذا يتطلب تحالفات استراتيجية مع كيانات تمتلك تقنيات عالية ومتقدمة مثل Scale AI.

ماذا يعني هذا الاستثمار لمستقبل الصناعة؟

يشير المحللون إلى أن هذه الصفقة قد تؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في ما يتعلق بإعادة توزيع السيطرة على "سلسلة التوريد الرقمية" الخاصة بتدريب النماذج. فبدلاً من الاعتماد فقط على شركات مثل OpenAI أو Anthropic، تسعى ميتا لتكون مركزًا متكاملاً للبيانات والنماذج والبنية التحتية.

كما أن هذه الصفقة قد تدفع شركات أخرى للدخول في شراكات مماثلة، مما يفتح الباب أمام موجة جديدة من التنافس، ليس فقط في تطوير النماذج، بل في التحكم بمصادر بياناتها أيضًا.