“ترك رمي الجمرات في الحج”.. هل يبطل النسك؟.. الإفتاء توضح الأحكام والضوابط

مع استمرار أداء مناسك الحج في مشاعر منى، يتكرر السؤال سنويًا عن حكم من ترك رمي الجمرات سواء عمدًا أو نسيانًا، وعن أثر ذلك على صحة الحج. وقد أجابت دار الإفتاء المصرية، وهيئة كبار العلماء، عن هذه المسألة التي تتكرر كل عام، نظرًا لما قد يواجهه الحجاج من زحام أو مشقة، خاصة كبار السن أو أصحاب الأعذار.
رمي الجمرات.. من أعظم شعائر الحج
رمي الجمرات هو أحد أركان الحج الأساسية المرتبطة بأيام التشريق، ويمتد على مدار أربعة أيام، من يوم النحر (10 ذي الحجة) وحتى ثالث أيام التشريق (13 ذي الحجة). ويبدأ الحاج برمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد، ثم يرمي الجمرات الثلاث (الصغرى، الوسطى، الكبرى) في كل من أيام التشريق.
والرمي من أعظم شعائر الحج التي شرعها الله تعالى تأسِّيًا بسنة إبراهيم عليه السلام، حينما اعترضه الشيطان في هذه المواضع فرماه بالحجارة، فجعلها الله شعارًا للمسلمين في رفض غواية الشيطان والانتصار على النفس.
دار الإفتاء توضح: لا يسقط بتركه وإنما يُجب الدم
أكدت دار الإفتاء المصرية أن رمي الجمرات واجب من واجبات الحج وليس ركنًا من أركانه، أي أن من تركه لا يبطل حجه، ولكن عليه دم (ذبيحة)، تُذبح في الحرم ويوزع لحمها على فقراء مكة، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأوضحت الدار أن من ترك رمي الجمرات نسيانًا أو لعذر معتبر، كخوف أو مرض أو زحام شديد يهدد السلامة، فعليه أن يوكّل غيره في الرمي عنه، ولا إثم عليه. أما من تركه متعمدًا بدون عذر، فعليه التوبة وذبح فدية، ولا يُعاد عليه الحج إذا استوفى أركانه الأخرى.
وفي هذا السياق، أشارت الدار إلى قول الإمام النووي رحمه الله:
“الواجبات إن تركها الحاج عمدا وجب عليه دم، وإن تركها نسيانًا أو جهلًا وجب عليه دم أيضًا، ولكن لا يأثم”.
هيئة كبار العلماء: التيسير مقصد شرعي
من جهتها، أكدت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن الإسلام دين يسر، وأن مراعاة الأعذار والضرورات من مقاصد الشريعة، خاصة في مناسك شاقة كالحج، مشيرة إلى أن الشريعة أباحت التوكيل في الرمي لكبار السن والنساء ومن يعانون من أمراض مزمنة.
التوكيل في الرمي.. جائز بضوابط
يجوز التوكيل في رمي الجمرات لمن عجز عن الرمي بنفسه، سواء بسبب مرض، أو ضعف، أو زحام شديد، شريطة أن يكون الوكيل قد رمى عن نفسه أولًا، ثم يعود ليرمي عن الموكل.
وأوضحت الفتوى أن الترتيب في الرمي (الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى) واجب، وكذلك أن يتم في وقته المخصوص، وإلا وجبت الفدية