عاجل

تقترب مصر من استحقاق ديمقراطي جديد يتمثل في الانتخابات البرلمانية القادمة بمجلسيها: النواب والشيوخ، وسط آمال وتطلعات بأن يكون البرلمان القادم نقطة تحوّل في الحياة السياسية، ومنبرًا حقيقيًا للتعبير عن مطالب المواطنين وتطلعاتهم.

وفي ظل ما تمر به الدولة من تحديات اقتصادية واجتماعية، تبرز أهمية دور البرلمان القادم في التشريع والرقابة، وتفعيل المشاركة السياسية، وتمكين الأحزاب من القيام بدورها الطبيعي كأدوات للتعبير والتنظيم والتأثير.

أولًا: أهمية البرلمان القادم بمجلسيه النواب والشيوخ

1. *دور مجلس النواب*:

   •   التشريع: إصدار القوانين التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر، مثل قوانين الصحة والتعليم والاستثمار والعدالة الاجتماعية.

   •   الرقابة: محاسبة الحكومة ومتابعة تنفيذ برامجها، بما يعزز الشفافية ويحمي المال العام.

   •   التعبير عن صوت الشعب: فهو السلطة الأقرب إلى الشارع، بحكم دوائره المباشرة واحتكاكه اليومي بالمواطنين.

2. *دور مجلس الشيوخ*:

   •   غرفة للتفكير الاستراتيجي: يناقش القضايا الكبرى والمصيرية ويقدم الرأي والمشورة، ما يحقق التوازن التشريعي.

   •   دعم التشريعات: عبر مراجعتها قانونيًا ودستوريًا، لتلافي التسرّع أو الثغرات القانونية.

   •   ضمان تمثيل الكفاءات: خاصة من النخب الأكاديمية والخبرات المتخصصة، الذين قد لا يكون لهم حضور شعبي انتخابي ولكن لهم قيمة علمية وفكرية.

ثانيًا: *المشاركة السياسية والأحزاب*.. *واقع وتحديات*

رغم أن الدستور المصري يكفل التعددية الحزبية، إلا أن الواقع يشهد غيابًا فعليًا للتأثير الحزبي الواسع، وهو ما تحاول الأحزاب تغييره في المرحلة المقبلة.

1. *المشاركة السياسية*:

   •   ما زالت المشاركة السياسية لدى قطاع كبير من المواطنين محدودة، إما بسبب فقدان الثقة أو غياب الوعي السياسي.

   •   البرلمان القادم هو فرصة حقيقية لتعزيز هذه المشاركة، من خلال تشجيع المواطنين على الإدلاء بأصواتهم والمساهمة في اختيار ممثليهم.

2. *دور الأحزاب*:

   •   بعض الأحزاب بدأت تستعيد جزءًا من دورها بتقديم مرشحين، والمشاركة في النقاشات السياسية.

   •   لا بد من تهيئة المناخ السياسي لعمل حزبي حر وفاعل، حتى تصبح الأحزاب أدوات حقيقية للتغيير والإصلاح.

ثالثًا: *ماذا تريد الأحزاب من البرلمان القادم؟*

الأحزاب السياسية، باختلاف أيديولوجياتها وتوجهاتها، تطمح إلى عدد من الأمور الأساسية في البرلمان القادم:

1. تمثيل عادل ومؤثر:

تسعى الأحزاب للحصول على مقاعد معبّرة عن شعبيتها لتكون جزءًا من صناعة القرار، لا مجرد ديكور سياسي.

2. مناخ ديمقراطي صحي:

ترغب الأحزاب في ضمان حرية التعبير والمنافسة الشريفة، والابتعاد عن التهميش أو التضييق.

3. دور تشريعي فعّال:

الأحزاب تسعى إلى تقديم رؤاها وبرامجها من خلال مشاريع قوانين تعبّر عن توجّهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

4. شراكة حقيقية مع السلطة التنفيذية:

تريد الأحزاب أن تكون طرفًا في صناعة السياسات، لا مجرد معارضة سلبية، من خلال تفعيل الأدوات الرقابية بشكل مسؤول.

5. تطوير النظام الانتخابي:

ترغب الأحزاب في إصلاح القوانين المنظمة للانتخابات لتكون أكثر عدالة وشفافية، وتدعم التعددية وتمنع سيطرة المال السياسي.

وفي النهاية:

البرلمان القادم ليس فقط مساحة لتبادل الخطابات أو تمرير القوانين، بل هو مقياس حقيقي لنضج التجربة السياسية المصرية، وفرصة لإعادة الروح للحياة الحزبية والمشاركة الشعبية.

إن أرادت الدولة أن تخطو خطوات جادة نحو الديمقراطية، فعليها دعم برلمان قوي، يضم نوابًا يمثلون الشعب بحق، وأحزابًا تُعلي مصلحة الوطن فوق كل اعتبار

تم نسخ الرابط