«أي حد يرد عليا بس».. صرخات فلسطيني فقد عائلته بالكامل في قصف بغزة

في زاوية ركام منزل كان يومًا يعج بالحياة، جلس الشاب فلسطيني يصرخ وسط الدخان والغبار: "أي حد يرد عليا بس.."، لكن الصدى وحده كان يجيبه. لم يكن يبحث عن أحد بعينه، بل عن أي بقايا صوت من عائلته التي التهمها القصف الإسرائيلي على حي الشجاعية شرقي قطاع غزة.
48 فردًا من عائلته قضوا في لحظة واحدة، تركوه وحده في هذا العالم بلا أم، ولا أب، ولا إخوة، ولا أبناء عمومة.. بلا دفء ولا ذاكرة حية.
حياة انتهت بلحظة
لم تكن الغارة مجرد ضربة عسكرية كما تسميها البيانات، بل كانت نهاية حياة.
بيت الفلسطيني الذي كان يؤوي عدة أجيال من العائلة، تحول في دقائق إلى حفرة عميقة في الأرض.
نساء وأطفال ورجال كبار، لم يبقَ منهم سوى أسماء تُكتب الآن على قوائم الشهداء، وصورة باهتة في ذاكرة شاب ظل يركض بين الحجارة بحثًا عن شيء يشبه الحياة.
"كانوا هون.. كلهم كانوا هون.. مش لاقي ولا صوت منهم!"، هكذا قال مروان وهو يرفع حجرًا تلو الآخر بأظافر يملؤها التراب والدم. لم يسعفه الوقت لوداع أحد. حتى صغار العائلة، الذين كانوا يلعبون في فناء المنزل، لم يعرفوا أنهم على موعد مع النهاية.
وجع لا يُحتمل.. وصمت العالم
صرخة الشاب الفلسطيني "أي حد يرد عليا بس"، لم تكن مجرد تعبير عن صدمة، بل كانت نداءً للعالم، للإنسانية، للعرب، للضمير، لا إعلام يواسي، ولا مسؤول يسأل، ولا عدو يتوقف. بقي مروان، وبقي وجعه، وبقيت تلك الصرخة ترن في فضاء غزة، وربما إلى الأبد.
هذا الشاب الذي فقد كل شيء لم يعد يملك إلا اسمه، وجدران المخيم المتداعية، وشهادة وفاة جماعية كُتب عليها: "قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلاً مدنيًا". لا محاكمات، ولا مساءلات، فقط جنازات تُشيّع تحت النيران.
حين يصبح البقاء عقوبة
في غزة، أن تبقى على قيد الحياة أحيانًا ليس نعمة، بل لعنة. يقول أحد جيران الشاب الفلسطيني: "حين انتشلناه من تحت الأنقاض، لم يكن يبكي، كان يصرخ وكأن صوته يريد أن يمزق السماء. لم يكن يصدق أنه الوحيد الباقي من بيت كانت فيه الحياة بكل معانيها."
كل من حوله حاولوا تهدئته، لكن كيف تُهدئ من فقد الجميع؟ كيف تُقنعه بأن غدًا سيكون أفضل، بينما اليوم انتهى بأكمله؟ هو لا يحتاج طعامًا أو ماءً، بل وجه أمه، يد أخته، ضحكة طفل كانت تنام بجواره.
لا شيء يعوّض الوطن.. ولا العائلة
المشهد يتكرر كل يوم في غزة، لكن قصة مروان كانت مختلفة، لأن عدد الشهداء في عائلته لم يكن ثلاثة أو أربعة، بل 48 روحًا، رحلت في لحظة واحدة. هو الآن الناجي الوحيد من مجزرة عائلية، لا يعرف ماذا يفعل بهذا "النجاة"، ولا كيف يحمل هذا الإرث الثقيل من الألم.
"ما بدي شيء.. بس كنت بدي أسمع صوت أمي بس ثانية.."، قالها الشاب وهو يحدق في الهاتف المكسور بين يديه، الذي كان قبل دقائق من القصف يعرض صورة جماعية للعائلة في إفطار رمضان الماضي.
غزة.. حيث الألم متواصل والعدالة غائبة
صرخة "أي حد يرد عليا بس" ليست مجرد كلمات عابرة، بل عنوان لحالة يعيشها آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، ممن فقدوا أحباءهم وأماكنهم وأمانهم. وبينما يواصل الاحتلال قصفه، تواصل غزة تقديم شهدائها، بصمتٍ موجع، وسط عالم لا يسمع سوى ما يريد.