عسكرة الغذاء في غزة: الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح ضد المدنيين

تحدث أستاذ العلوم السياسية سهيل دياب عن الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، مشددًا على أن هناك خطة واضحة لتفريغ القطاع من سكانه، خاصة مع تصاعد أوامر الإخلاء والانتهاكات خلال أيام العيد. أوضح دياب أن ما يجري في غزة مرتبط بشكل وثيق بما يحدث في الضفة الغربية من توسع استيطاني وإجراءات اقتصادية تهدف إلى تقويض السلطة الفلسطينية، مثل منع تحويل أموال المقاصة ومحاولات وقف التعاملات المالية مع الضفة.
أبرز دياب ثلاث سمات رئيسية للمشهد الحالي:
1. الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، سواء عبر استخدام الفيتو في مجلس الأمن أو تقديم مساعدات مالية تحت غطاء إنساني تُستخدم فعليًا لدعم الشراكة العسكرية الإسرائيلية الأمريكية.
2. عسكرة الغذاء في غزة، حيث يتم توزيع المساعدات بشكل غير عادل وبالتعاون مع عصابات إجرامية داخل القطاع، ما يجعل الغذاء أداة ضغط وسلاحًا سياسيًا ضد السكان.
3. تغير ملحوظ في مواقف بعض الدول الغربية، خاصة أوروبا، تجاه القضية الفلسطينية، مع وجود تناقضات واضحة بينها وبين الولايات المتحدة حول توصيف ما يجري كإبادة جماعية.
كما أشار دياب إلى وجود انقسام غير مسبوق داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث بدأت أصوات من النخبة السياسية والعسكرية تنتقد علنًا سياسات نتنياهو وتعتبر أن ما يجري هو "حرب نتنياهو" وليس "حرب إسرائيل". هذه الأصوات تخشى أن تؤدي سياسات نتنياهو إلى تهديد وجود إسرائيل على المدى البعيد.
في ختام حديثه، أكد دياب أن إسرائيل تسعى للحفاظ على شرعيتها الدولية وتوازن القوى داخل المجتمع الإسرائيلي بين التيار العلماني والتيار الديني المتشدد، مع ضمان تقاسم المؤسسات بين الجوانب السياسية والأمنية. كما أشار إلى أن أي تسوية سياسية مستقبلية ستأخذ في الاعتبار المصالح الإسرائيلية، وأن التماهي مع الموقف الأمريكي وصفقات التطبيع مع الدول العربية يظل مطروحًا للنقاش.
تفاصيل "عسكرة الغذاء" وتجويع غزة: حقائق وأمثلة واقعية*
تعاني غزة من أزمة غذاء غير مسبوقة بسبب الحصار الإسرائيلي الشامل، حيث تم استخدام الغذاء كسلاح ضغط سياسي وعسكري ضد السكان. تم تدمير البنية التحتية الغذائية بشكل متعمد، مثل قصف المخابز وطواحين الدقيق والأراضي الزراعية، ما أدى إلى ندرة شديدة في المواد الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني.
بحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر الموت جوعًا، وهناك أسر تقضي أيامًا متتالية دون طعام سوى بعض المياه، ويتقاسم السكان القليل المتوفر للبقاء على قيد الحياة. الأطفال هم الأكثر تضررًا، إذ يواجهون حرمانًا شديدًا من الغذاء، وحذرت منظمات دولية من أن المجاعة تهدد جميع أنحاء القطاع.
كما أن دخول شاحنات المساعدات محدود جدًا، ولا يغطي سوى 10% من الاحتياجات الفعلية، ما يدفع الناس للاعتماد على العشب وأوراق الشجر للبقاء أحياء. وقد أغلقت معظم المخابز أبوابها بسبب القصف أو نفاد الإمدادات، وأصبحت الطوابير أمام ما تبقى من مخابز تمتد لساعات طويلة يوميًا.
الأزمة لا تقتصر على الغذاء فقط، بل تشمل نقص المياه النظيفة وانهيار الخدمات الصحية، مما يزيد من معاناة السكان ويجعل الوضع الإنساني في غزة حرجًا للغاية.