عاجل

خرافة السبانخ والأنيميا... د. حسام موافي يوضح الحقائق

الدكتور حسام موافي
الدكتور حسام موافي

في زمن تهيمن فيه المعلومات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي على وعي الناس الغذائي، تبرز الحاجة إلى مراجعة الكثير من المفاهيم الشائعة التي قد تبدو صحيحة، لكنها تخفي وراءها حقائق مغايرة، من بين هذه المفاهيم، الاعتقاد السائد بأن السبانخ هي الغذاء الأمثل لعلاج الأنيميا، نظرًا لغناها بالحديد، إلا أن الدكتور حسام موافي، أستاذ طب الحالات الحرجة بكلية طب قصر العيني، فند هذا الاعتقاد، وقدم توضيحًا علميًا غيّر الصورة النمطية لدى كثير من المتابعين.

السبانخ ليست كما يظنون

صرح الدكتور موافي بأن السبانخ، رغم شهرتها الكبيرة واحتوائها على نسبة من الحديد، لا تُعد علاجًا فعالًا لفقر الدم. وعلل ذلك بأن الحديد الموجود في السبانخ ينتمي إلى النوع النباتي، والذي يُعرف علميًا بـ"الحديد غير الهيمي"، وهو نوع لا يمتصه الجسم بسهولة، خاصة في ظل غياب عوامل مساعدة مثل فيتامين C أو غياب البروتينات الحيوانية.

وأضاف أن الترويج للسبانخ على أنها علاج أساسي للأنيميا فيه قدر من التضليل غير المقصود، لأن الجسم البشري يحتاج إلى مصادر "حيوانية" للحديد، إذ يتم امتصاص الحديد الحيواني المعروف بـ"الهيمي" بكفاءة أكبر، ما يجعله الخيار الأفضل للمرضى الذين يعانون من نقص الحديد في الدم.

لماذا نصدق الشائع ونتجاهل العلمي؟

أوضح الدكتور موافي أن الميل الشعبي لتصديق الأطعمة "الخضراء" و"الطبيعية" دون التحقق من القيمة الفعلية لمحتواها الغذائي هو خطأ شائع. وأشار إلى أن الكثير من الأشخاص يعتمدون على "ما هو متداول"، دون الرجوع إلى مصادر علمية موثوقة أو استشارة طبية متخصصة، وهو ما قد يؤدي إلى تأخير التشخيص أو تفاقم حالة المريض.

وقال إن الاعتقاد بأن "كل ما يحتوي على حديد مفيد لعلاج الأنيميا" غير دقيق، لأن الفاعلية لا تتوقف على الكمية فقط، بل على نوع الحديد ومدى قدرة الجسم على امتصاصه.

كبدة الأضحية: غذاء علاجي في موسم مبارك

في ظل اقتراب عيد الأضحى، لفت الدكتور حسام موافي الأنظار إلى فائدة كبرى في هذا الموسم، تتمثل في تناول أجزاء معينة من الأضحية، وعلى رأسها الكبدة، التي تُعد من أغنى الأطعمة بالحديد الهيمي سهل الامتصاص. وأكد أن كبدة الخروف أو العجل تُعد علاجًا طبيعيًا فعالًا لمرضى الأنيميا، نظرًا لغناها الكبير بالحديد وفيتامين B12 والبروتينات الضرورية لتكوين خلايا الدم.

كما أشار إلى أن اللحوم الحمراء أيضًا، وخاصة لحم الكتف والفخذ، تُعد مصدرًا مهمًا للحديد الحيواني، لكن يجب تناولها باعتدال، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة كالضغط أو الكوليسترول.

بين التصحيح والتثقيف

وشدد موافي على أن التوعية الغذائية يجب أن تكون جزءًا من الثقافة الصحية العامة، داعيًا إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة عبر الإنترنت، والتي قد تُعرض حياة بعض المرضى للخطر إذا اعتمدوا عليها دون متابعة طبية.

وقال: "العلاج لا يكون فقط في الصيدلية، بل على المائدة أيضًا، ولكن بشرط أن نعرف ماذا نأكل، ولماذا نأكله، وكيف نستفيد منه بشكل صحيح."

نصائح ذهبية لمرضى الأنيميا في عيد الأضحى

  • احرص على تناول كبدة الأضحية بعد طهيها جيدًا، ويفضل أن تكون مشوية أو مسلوقة.
  • أضف إلى وجبتك مصادر لفيتامين C مثل الليمون أو البرتقال، لتعزيز امتصاص الحديد.
  • تجنب شرب الشاي أو القهوة بعد الأكل مباشرة، لأنها تقلل من امتصاص الحديد.
  • لا تعتمد على الأطعمة النباتية فقط في علاج فقر الدم.
  • راجع الطبيب المختص لتحديد مدى حاجتك إلى مكملات الحديد أو علاج دوائي.

بهذه الحقائق، تتضح الصورة وتتكشف الفروق الدقيقة بين المعلومة المتداولة والمعلومة العلمية. وبينما تظل السبانخ مفيدة للصحة بشكل عام، فإن علاج الأنيميا يتطلب دقة أكبر في اختيار الغذاء المناسب، وخاصة في موسم الأضحية الذي يمنح فرصًا غذائية غنية يمكن أن تتحول إلى "دواء طبيعي" إذا أُحسن استخدامها.

تم نسخ الرابط