عاجل

حكم الوقوف بعرفة قبل الزوال وهل يُجزئ الحاج شرعًا؟

حكم الوقوف بعرفة
حكم الوقوف بعرفة

مع اقتراب موسم الحج، تكثر تساؤلات الحجاج عن ضوابط الوقوف بعرفة، وهو الركن الأعظم في الحج، وحكم من وقف بعرفة قبل الزوال أو في جزء من ليلة النحر فقط، وهل يجوز للحجاج أن ينفروا من عرفات قبل المغرب، أو أن تتم النفرة على مراحل تنظيمية؟.. أسئلة شرعية أثارت اهتمام الكثيرين، خاصة في ظل الأعداد الهائلة التي تؤدي المناسك كل عام.

وفي هذا السياق، أوضحت دار الإفتاء المصرية الحكم الشرعي بالتفصيل، مؤكدة أن الشرع يراعي التيسير ورفع الحرج عن الحجيج، وأن التيسيرات التنظيمية لا تُعد تغييرًا في مناسك الحج.

ما هو وقت الوقوف بعرفة في الحج؟

أشارت دار الإفتاء إلى أن وقت الوقوف بعرفة محل خلاف بين الفقهاء، لكن الأكمل أن يكون الوقوف بين الليل والنهار، أي بعد الزوال وحتى الليل، وهو ما يُعَدّ السنة والأفضل للحاج.

ومع ذلك، فإن الفقه الإسلامي واسع ويحتوي على آراء متعددة تراعي أحوال الناس واختلاف ظروفهم، وتؤكد دار الإفتاء على أنه لا حرج في اتباع أي من هذه الآراء المعتبرة شرعًا.

حكم الوقوف بعرفة قبل الزوال فقط
أوضحت دار الإفتاء أن من وقف بعرفة قبل الزوال فقط، فحجه صحيح عند بعض الفقهاء، لكن عليه دمٌ عند الحنابلة لأنه لم يتحقق الوقوف الكامل بعد الزوال، وهو الوقت المفضل شرعًا.

أما الشافعية فقد أجازوا الوقوف في هذا التوقيت دون أن يشترطوا فدية، مما يعني أن الحج لا يُبطل، ولا يلزم عليه دم عندهم.

هل يجوز النفرة من عرفة قبل المغرب؟

من أكثر الأسئلة شيوعًا بين الحجاج هو "هل يجوز أن ننفر من عرفة قبل المغرب؟"، وهنا تؤكد دار الإفتاء أن الأمر مختلف فيه بين الفقهاء.

فمنهم من قال: لا يجوز النفرة قبل غروب الشمس لمن وقف نهارًا، ومن فعل ذلك فعليه دم، كما في مذهب المالكية والحنابلة.

بينما يرى الشافعية أن النفرة قبل الغروب جائزة، ولا يُطلب من الحاج فيها دم، ما دام قد تحقق له الوقوف الواجب بعرفة.

حكم من وقف بعرفة في جزء من ليلة النحر فقط

في الحالات التي يصل فيها الحاج إلى عرفة ليلًا، ويقف بها فقط جزءًا من ليلة النحر (ليلة العيد)، بينت دار الإفتاء أن هذا الوقوف صحيحٌ ومجزئٌ بإجماع الفقهاء، ولا حرج فيه.

فقد ثبت في الحديث الشريف: "الحج عرفة"، وأي حضور في هذا الوقت ـ سواء ليلًا أو نهارًا ـ يحقق شرط الوقوف، وبالتالي يصح الحج ولا يتطلب فدية أو إعادة.

هل النفرة على مراحل تُعد تغييرًا في المناسك؟

مع تطور خدمات النقل وتنظيم الحشود، تلجأ السلطات إلى تنظيم النفرة من عرفات على مراحل لتقليل الزحام وضمان سلامة الحجيج، وهو ما يتطلب أحيانًا أن تنفر بعض الأفواج قبل غيرها.

وفي هذا الشأن، أكدت دار الإفتاء أن تنظيم النفرة على مراحل لا يُعد تغييرًا في المناسك، بل هو من التيسير المأذون به شرعًا.

فالشرع الحنيف يهدف إلى رفع الحرج عن الناس، وتحقيق مصالحهم، وصيانة أرواحهم، وهو من أهم المقاصد العليا للشريعة.

مقاصد الشريعة.. فوق كل خلاف

أشارت دار الإفتاء إلى أن الخلاف الفقهي في وقت الوقوف بعرفة والنفرة منها لا ينبغي أن يُحدث بلبلة أو اضطرابًا، لأن جميع الآراء تستند إلى أدلة معتبرة، والشرع يتسع لهذه الأوجه المختلفة.

والمهم في النهاية هو تحقيق مقصد الحج الأعظم، وهو الخضوع لله، واتباع أوامره، مع الحفاظ على النفس وسلامتها.

ولهذا السبب، ترى دار الإفتاء أن اتباع الأنسب للحجاج من حيث الوقت والتنظيم لا يُنافي مقاصد الشريعة، بل يعززها.

توصيات مهمة من دار الإفتاء للحجيج

دعت دار الإفتاء جميع الحجاج إلى:

الاطمئنان إلى صحة مناسكهم وعدم القلق بشأن الاختلافات الفقهية.

اتباع تعليمات الجهات المنظمة للحج، لأنها تهدف إلى التيسير وليس التعسير.

الحرص على النية الصادقة والتجرد لله تعالى، فهو الأساس في قبول العمل.

والحج لا يضيع باختلاف التوقيت
أكدت دار الإفتاء أن الخلاف الفقهي في تفاصيل الوقوف بعرفة أو النفرة منها لا يُبطل الحج، وأن من وقف جزءًا من الليل أو قبل الزوال أو دفع قبل المغرب، فحجه صحيح بإجماع أو خلاف معتبر.

كما أن تنظيم النفرة على مراحل لا يُعد مخالفة شرعية بل هو اجتهاد تنظيمي يحقق مقاصد الشريعة ويضمن راحة الحجيج.

فالمقصد من الحج هو طاعة الله وذكره، وتحقيق معنى العبودية، وليس التشدد في جزئيات قد تسبب مشقة للحجاج.

تم نسخ الرابط