كيف كان أحوال السلف الصالح مع الحج؟.. خطيب بالأوقاف يوضح

كان للسلف الصالح أحوالًا من الإخلاص وأشواقهم في الحج إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج.
للحج تأثير عظيم في تزكية النفوس وإصلاح القلوب
قال الدكتور محمد حسن مكي إمام وخطيب بوزارة الأوقاف: كان للحج تأثير عظيم في تزكية النفوس وإصلاح القلوب، لما فيه من معاني العبودية، ومظاهر الربانية التي تجلت في كل أعماله ومناسكه، فأثمرت في واقع السلف قلوباً تقية، وأفئدةً زكية، وأبداناً طاهرةً نقية. فكانوا مع إحسانهم العمل يخشون الردّ وعدم القبول، أما نحن - إلا من رحم الله - فلا إحسان ولا خشية، ومع ذلك ينام أحدنا ملء جفونه، وكأنه حاز النعيم، وضمن من الجنة فردوسها الأعلى.
ورد عن بعض السلف أنه قال: "الركب كثير والحاجّ قليل، فما عسانا أن نقول؟! نسأل الله ألا يمقتنا ".
وقال خطيب الأوقاف في مقطع فيديو له: كان السلف - رحمهم الله - يعلمون حق رفيق السفر، فيحسنون صحبته، ويواسونه بما تيسّر لديهم من طعام وشراب، وكان كل واحد منهم يريد أن يخدم أخاه ويقوم بأعماله، لا يمنعه من ذلك نسبٌ ولا شرفٌ ولا مكانة عالية. قال مجاهد رحمه الله: "صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمُني". وكانوا رحمهم الله يبذلون أموالهم للرفقة، ويصبرون على الأذى، ويطيعون الله تعالى فيمن يعصيه فيهم.
وكان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم اغتناماً لأجر ذلك، منهم عامر بن عبد قيس، وعمر بن عتبة بن فرقد، مع اجتهادهما في العبادة.
وكان ابن المبارك يطعم أصحابه في الأسفار أطيب الطعام وهو صائم، وكان إذا أراد الحج من بلده (مرو) جمع أصحابه وقال: "من يريد منكم الحج؟"، فيأخذ منهم نفقاتهم، فيضعها في صندوق ويغلقه، ثم يحملهم، وينفق عليهم أوسع النفقة، ويطعمهم أطيب الطعام، ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من هدايا، ثم يرجع بهم إلى بلده، فإذا وصلوا صنع لهم طعاماً، ثم جمعهم عليه، ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم فردّ إلى كل واحد نفقته.
قال ابنُ القيم: (وأمَّا الحجُّ، فشأنٌ آخرُ لا يُدْرِكه إلا الحنفاءُ الذين ضربوا في المحبة بسَهْم، وشأنه أجلُّ من أن تحيط به العبارة، وهو خاصَّةُ هذا الدِّينِ الحنيف، حتى قيل في قوله تعالى:(حُنَفَاءَ لِلَّهِ)، «أي: حُجَّاجاً»، وجَعَلَ اللهُ بيتَه الحرامَ قِياماً للناسِ، فهو عَمُودُ العالَمِ الذي عليه بناؤُه، فلو تركَ الناسُ كلُّهم الْحَجَّ سَنَةً لَخرَّت السَّماءُ على الأرضِ، هكذا قال تَرْجُمَانُ القرآنِ ابنُ عبَّاسٍ.. وأمَّا أسرارُ ما في هذه العبادةِ من الإحرامِ، واجتناب العوائدِ، وكشفِ الرأسِ، ونزع الثِّياب المعتادةِ، والطَّواف، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار، وسائر شعائر الحجِّ.