القليوبية تحت نيران الحرائق.. أزمة سلامة خطيرة ومطالب عاجلة

شهدت محافظة القليوبية خلال عام 2025 سلسلة متصاعدة من الحرائق المتنوعة التي طالت مصانع، مخازن، منشآت صحية، ومنازل، ما كشف عن ثغرات خطيرة في منظومة السلامة، ودق ناقوس الخطر بشأن استمرار وجود المنشآت الصناعية داخل الكتلة السكنية. وبين نيران مشتعلة ومطالبات متجددة، تبقى الأرواح والممتلكات مهددة ما لم تتحرك الجهات المعنية بخطة واضحة وشاملة.
حريق مستشفى بنها
لم تكن المصانع وحدها مسرحًا للحرائق، ففي منتصف مايو 2025، اندلع حريق محدود داخل مستشفى بنها الجامعي، تحديدًا في وحدتي تكييف قرب بوابة استقبال الطوارئ. وتمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة السريعة على الحريق، دون وقوع خسائر بشرية أو تعطيل للخدمات الطبية. ورغم محدودية الحادث، إلا أنه سلط الضوء على هشاشة البنية التحتية، حتى داخل المنشآت الحيوية.
حوادث المصانع
"لو انفجر المصنع كانت المنطقة كلها راحت"، هكذا علّق أحد سكان القناطر الخيرية، عقب اندلاع حريق ضخم بمصنع سحب مواسير في يونيو الماضي، استدعى تدخل 15 سيارة إطفاء وفرق الطوارئ. وفي نفس الشهر، التهمت النيران مصنعًا لإنتاج المواد البلاستيكية بشبرا الخيمة، وأسفر عن إصابة 5 عمال بحالات اختناق. كما شهدت منطقة كفر حمزة بالخانكة حريقًا هائلًا في مخزن بلاستيك، تسبب في دمار كامل للمحتويات، وسط غياب واضح لاشتراطات الأمان.
حرائق المنازل
وخلال مايو وحده، سجلت المحافظة عدة حرائق متفرقة، حيث نشب حريق في مخزن أخشاب بطوخ، بجوار محطة وقود، أثار هلع المواطنين، وتمت السيطرة عليه قبل امتداده للمحطة، وحريق داخل جراج بعقار سكني أدى لاحتراق سيارة خاصة بالكامل، وحريق في منزل بكفر شكر خلّف خسائر مادية كبيرة دون إصابات. وجميع هذه الحوادث كشفت عن غياب الوعي بإجراءات السلامة، وسوء حال شبكات الكهرباء، والتخزين العشوائي لمواد قابلة للاشتعال.
إحصائيات الحوادث
وفق مصادر غير رسمية وتقارير ميدانية، سجلت محافظة القليوبية خلال عام 2025 أكثر من 25 حادث حريق كبير، توزعت بين مراكز شبرا الخيمة، طوخ، الخانكة، القناطر الخيرية، وكفر شكر. وقدر حجم الخسائر المادية بملايين الجنيهات، بينما استمرت التحقيقات في غالبية الحوادث دون إعلان رسمي عن نتائجها أو محاسبة المتسببين.
خطر الكتلة السكنية
أعادت هذه الحوادث إلى الواجهة الملف المسكوت عنه، وهو وجود مصانع وورش داخل الأحياء السكنية. ويرى متخصصون أن استمرار هذا الوضع بمثابة قنبلة موقوتة تهدد حياة المواطنين وتعيق التنمية، مطالبين بضرورة نقل المنشآت الصناعية إلى مناطق صناعية مخططة خارج الكتلة السكنية، وتشديد الرقابة على التراخيص والمخازن والمصانع القائمة، وتفعيل أدوات الدفاع المدني، وتنظيم حملات تفتيش دورية على معايير السلامة، وتوعية المواطنين بوسائل الحماية الذاتية وطرق الإبلاغ السريع.
دعوة للوقاية
الحرائق التي ضربت القليوبية هذا العام لم تكن مجرد أرقام أو مشاهد في نشرات الأخبار، بل ناقوس خطر حقيقي يتطلب وقفة جادة. الوقاية مسؤولية مشتركة تبدأ من الدولة وتنتهي بالمواطن، غير أن تحرك الدولة بتشريعات حاسمة وقرارات جريئة لنقل المصانع وإعادة تخطيط العمران يبقى الفيصل الحقيقي بين السلامة والفاجعة.