خالد الجندي: الشريعة تقدم مصلحة الإنسان وتُرَسِّخ فقه الرحمة والتيسير|فيديو

أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الشريعة الإسلامية قائمة على مبدأ التوازن بين مصلحة الإنسان ومصلحة العبادة، وأن رحمة الله سبحانه وتعالى اقتضت أن تُقدم مصلحة البشر في كثير من المواضع إذا اجتمعت مع مصلحة العبادات، معتبرًا أن هذا من أسمى معاني الفقه الإسلامي.
وخلال حديثه في برنامج "لعلهم يفقهون" على قناة DMC، شدد الجندي على أن هذا الأصل الفقهي العظيم أكده كبار العلماء، وعلى رأسهم الإمام ابن القيم، قائلاً: "الإمام ابن القيم قال بوضوح: إذا اجتمعت مصلحة الدين ومصلحة الإنسان، تُقدَّم مصلحة الإنسان، لأن الشريعة جاءت لصيانة الأرواح والعقول والمجتمعات، لا لتعقيد حياتها".
تقديم المنافع الإنسانية على الشعائر في بعض المواضع
واستشهد خالد الجندي بآية الحج في قوله تعالى: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله"، مبينًا أن الآية قدّمت المنافع الدنيوية قبل الذكر والعبادة، وهو ما يعكس ترتيبًا مقصودًا يُبيّن أهمية تحقيق مصالح الناس، مضيفًا:"ربما يظن البعض أن الذكر يجب أن يُقدم، لكن الله عز وجل قدّم المصلحة الدنيوية، وهذا من عمق الفهم المقاصدي في الشريعة".
كما أشارخالد الجندي إلى قوله تعالى عن صلاة الجمعة: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع"، مضيفًا: "يعني كنت في شغلك وبيعك، ربنا قالك سيبه وتعال للصلاة، ولما تخلص، (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)، ترجع تشتغل وتسعى للرزق، فالدين لا يصطدم بالحياة، بل ينظمها".
الوصية في المواريث نموذج لتقديم إرادة الإنسان
لفت خالد الجندي إلى أن الترتيب القرآني في آيات المواريث يعكس كذلك مراعاة الشريعة لمصلحة الإنسان، حيث تأتي الوصية، وهي من إرادة الفرد، قبل تقسيم التركة الشرعي، قائلة: "دي رسالة إن الشريعة بتحترم إرادة الناس ومصالحهم، وبتقدمها في مواضع كثيرة، ما دام ذلك لا يتعارض مع النصوص القطعية"
الحج والاستطاعة.. ليست فقط مادية
وفي ملف الحج، شدد خالد الجندي على أن شرط الاستطاعة لا يقتصر على المال أو الصحة الجسدية، بل يشمل كذلك الاستطاعة النفسية، الإدارية، والأمنية، قائلة "اللي عليه دين وناوي يحج، لازم يسدد الدين الأول أو ياخد إذن من صاحب الدين، لأن الدين أولى من الحج، بل هو أولوية شرعية".
كما أشار خالد الجندي إلى أن متطلبات العصر الحديث، مثل الحصول على التأشيرة أو الترتيب الإداري الرسمي، باتت جزءًا لا يتجزأ من مفهوم الاستطاعة، موضحًا أن: "الفقه يتجدد، والاستطاعة الآن تشمل الالتزام بالقوانين والأنظمة، وهو ما يعكس واقعية الشريعة ومرونتها".
فقه الرحمة والتيسير أساس في التشريع الإسلامي
وختم خالد الجندي حديثه بالتأكيد على أن الإسلام دين رحمة وتيسير لا مشقة وتعسير، وأن ترتيب الأولويات في القرآن الكريم يعكس هذه القاعدة الراسخة، حيث قال: "القرآن قال (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله)، فبدأ بالمنافع، وهذا هو فقه التوازن، لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلّف نفسًا إلا وسعها، وجعل مراعاة ظروف الإنسان أولى من التكلّف في العبادة".

الشيخ خالد الجندي يؤكد أن مصلحة الإنسان جزء أصيل من مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن التيسير والرحمة هما جوهر التشريع، لا سيما في العبادات مثل الحج، التي يشترط فيها الاستطاعة بمفهومها الشامل. ومن خلال استشهاده بالآيات القرآنية وأقوال العلماء، يرسّخ فقهًا عصريًا يُراعي الواقع دون الإخلال بجوهر الدين.