استخدام قبعة المظلة الشمسية للمحرم.. صدقة أم فدية شرعية؟

مع اقتراب موسم الحج وارتفاع درجات الحرارة في الأراضي المقدسة، يتساءل كثير من الحجاج عن حكم استخدام الوسائل الحديثة التي تساعدهم على الاحتماء من حرارة الشمس، لا سيما في ظل وجود كبار سن ومرضى قد لا يتحملون التعرض المباشر للشمس لفترات طويلة، ومن بين هذه الوسائل قبعة المظلة الشمسية التي تُثبّت على الرأس، فما هو الحكم الشرعي بشأن ارتدائها أثناء الإحرام؟ وماذا قالت دار الإفتاء المصرية عن هذا الموضوع؟
حكم لبس قبعة المظلة الشمسية أثناء الإحرام
أوضحت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، أن استخدام قبعة المظلة الشمسية المُثبّتة على الرأس بشريطٍ مطاطٍ لا حرج فيه شرعًا للمُحرِم إذا تعذر عليه استخدام وسائل أخرى تقيه من حرارة الشمس، مثل الشمسية المحمولة باليد أو السير في أماكن مظللة، ويأتي هذا التيسير في إطار التخفيف على الحجاج ورفع الحرج عنهم، خاصة في الظروف المناخية القاسية التي تشهدها المملكة العربية السعودية خلال موسم الحج.
وأشارت الإفتاء إلى أن ما تحتويه القبعة من شريط مطاطي يُثبّت على الرأس لا يُعد غطاءً كاملًا للرأس، بل لا يُغطي إلا جزءًا يسيرًا لا يبلغ ربع الرأس، وهو المقدار الذي لا يُوجب الفدية عند جمهور الفقهاء. وبناءً على ذلك، فإن لبس هذه القبعة لا يُعد مخالفًا لشروط الإحرام التي تمنع تغطية الرأس للرجال، ولكن يشترط عند استخدامها ليوم كامل أن يُخرج المُحرِم صدقة، وليس عليه فدية.
مقدار الصدقة الواجبة في هذه الحالة
بحسب ما نشرته دار الإفتاء المصرية، فإن مقدار الصدقة التي يُخرجها المُحرِم عند استخدامه لقبعة المظلة الشمسية طوال يوم كامل يُقدّر بكيلو جرام واحد وستمائة وخمسة وعشرين جرامًا (1.625 كجم) من البُرّ (القمح)، أو ما يعادل ذلك من قيمته المالية حسب الأسعار في بلد المُحرِم أو في مكة المكرمة، وذلك بحسب اختلاف الآراء الفقهية، وهذا التقدير جاء تيسيرًا على الحجاج الذين قد يُضطرون لاستخدام مثل هذه الوسائل لحمايتهم من الضرر الصحي.
بديل شرعي أفضل.. الشمسية المحمولة باليد
رغم جواز ارتداء القبعة الشمسية في حال الضرورة، شددت دار الإفتاء على أن الأفضل للمُحرِم الخروج من الخلاف الفقهي، وذلك من خلال استخدام الشمسية المحمولة باليد، التي لا تلامس الرأس إطلاقًا، وتُعد وسيلة مثالية للتحصن من الشمس دون الوقوع في أي شبهة شرعية.
وأكدت الدار أن الخروج من الخلاف مستحب في الشرع، حفاظًا على صحة النسك وسلامة المناسك، وحرصًا على اتباع ما اتفق عليه العلماء دون الوقوع في مواضع الاختلاف.
سؤال من أحد الحجاج حول القبعة الشمسية.. والإفتاء ترد بالتفصيل
وفي واقعة حقيقية وردت إلى دار الإفتاء من أحد المتابعين، طرح السائل سؤالًا نصه: "ما حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم؟ فقد ذهب رجل لأداء فريضة الحج، واشتد عليه حر الشمس، ولم يجد ما يحتمي به غير ما أعطاه له صديقه من قبعة المظلة الشمسية القابلة للطي، والتي تُثبَّت على الرأس بشريط مطاط، وتبقى مرتفعة عن الرأس غير ملامسة له، فاستعملها خلال أداء المناسك، فهل ما فعله يوجب عليه الفدية؟".
وجاء رد الإفتاء واضحًا ومطمئنًا: “ما فعله هذا الحاج لا يُوجب عليه الفدية، ولكن عليه إخراج صدقة، كما أن الأولى له كان استخدام المظلة المحمولة باليد متى تيسر له ذلك”، ويعكس هذا الرد فقه التيسير الذي تنتهجه دار الإفتاء، خصوصًا في النسك الذي يشهد مشقة كبيرة من الحجاج.
مجسم الكعبة وتعليم المناسك
وفي فتوى أخرى ذات صلة بالمناسك، ورد سؤال إلى دار الإفتاء حول مدى مشروعية تعليم مناسك العمرة باستخدام مجسم للكعبة والطواف حوله، كوسيلة تعليمية في المدارس أو مراكز تحفيظ القرآن.
وردت الدار قائلة: "لا بأس بتعليم مناسك العمرة باستخدام مجسم للكعبة، بل إن هذا الأمر قد يصل إلى درجة الاستحباب، لأنه يُسهم في إيصال الفهم الصحيح للمناسك بشكل عملي".
وأشارت الفتوى إلى أنه إذا تعذر على البعض فَهمُ المناسك بدونه، فقد يُصبح هذا الأسلوب واجبًا في حقهم، بشرط أن يتم في جو من التقدير والتعظيم لشعائر الله، استنادًا إلى قول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].