جوع قاتل.. مراكز توزيع المساعدات في غزة تتحول إلى "مقابر جماعية"

في ظل تصاعد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، باتت المجاعة تهدد حياة الآلاف من المدنيين الذين يُجبرون على المخاطرة بحياتهم للوصول إلى مراكز توزيع المساعدات. ورغم المخاطر الميدانية الجسيمة، يضطر العديد من الفلسطينيين للتوجه إلى هذه المراكز في محاولة يائسة للحصول على الطعام والماء، وهو ما أدى إلى وقوع عشرات الشهداء والمصابين.
جوع قاتل
في تقريره الذي أُذيع عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، قال مراسل القناة من غزة، يوسف أبو كويك، إن المجاعة التي تضرب القطاع أصبحت تتسبب في معاناة شديدة للمدنيين. وقد أكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إطلاق النار بشكل مباشر على المدنيين المتجمهرين في محيط مراكز المساعدات، مستخدمة الآليات العسكرية والزوارق الحربية، بينما تمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المناطق التي تعتبرها "مناطق اشتباك".
وأضاف "أبو كويك" أنه رغم إدراك السكان للتهديدات العسكرية الواضحة، فإن "الجوع القاتل" أصبح يدفعهم للمخاطرة بحياتهم. وأشار إلى أن عشرات الفلسطينيين سقطوا بين شهيد وجريح في مناطق شمال غرب رفح، وجنوب محور نتساريم، وفي منطقة مخيم البريج وسط القطاع. وقال إن الوضع يزداد سوءًا، لدرجة أن المدنيين يضطرون إلى استخدام عربات تجرها الدواب أو المشي على الأقدام لمسافات طويلة لنقل الشهداء والمصابين، في ظل حظر وصول الإسعاف.
"أخبروهم أننا جوعى"
وفي تعبير صارخ عن المأساة التي يعيشها الغزيون، نقل المراسل رسالة مؤلمة من المواطنين الذين يواجهون الظروف القاسية: "أخبروهم أننا جوعى". هذه الكلمات التي تعكس فداحة الوضع، وصفها العديد من المنظمات الدولية بـ"طريقة سادية تهين كرامة الإنسان"، في إشارة إلى الممارسات الإسرائيلية التي لا تفرق بين المدنيين أثناء محاولاتهم الوصول إلى المساعدات.
الاستهداف المستمر للمدنيين
وفي تصعيد ميداني خطير، أشار أبو كويك إلى استشهاد قرابة 50 فلسطينيًا منذ ساعات الفجر، بينهم 40 شهيدًا في مدينة خان يونس نتيجة قصف إسرائيلي في شمال غرب رفح الفلسطينية. كما استهدفت قوات الاحتلال سيارة مدنية في منطقة "جورة تلوت"، بالإضافة إلى استهداف مجموعة من المواطنين في منطقة "معن". من جانب آخر، أدت الغارات الجوية على منزل آمن في المحافظة الوسطى إلى استشهاد 6 أفراد من عائلة واحدة، مما يزيد من أعداد الضحايا في ظل تصعيد العدوان الإسرائيلي المستمر.
مساعدات تحت الحصار
يأتي هذا التصعيد في وقت تتفاقم فيه الأزمات الإنسانية في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الممتد منذ سنوات، والذي جعل من الحصول على الطعام والمياه النظيفة والخدمات الصحية أمرًا في غاية الصعوبة. ورغم جهود المنظمات الإنسانية، إلا أن استهداف مراكز المساعدات والمنشآت الطبية من قبل قوات الاحتلال يزيد من تعقيد الوضع.
استهداف منزلًا مأهولًا بالسكان
ومن ناحية أخرى، قال بشير جبر، مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" من خان يونس، إن طائرات الاحتلال الإسرائيلي شنت مساء أمس غارة جوية استهدفت منزلًا مأهولًا بالسكان في حي التفاح، شرق مدينة غزة، يعود لعائلة "أبو الكاس"، ما أسفر عن استشهاد رجل مسن وسيدة، وإصابة عدد آخر من المواطنين بجروح متفاوتة الخطورة. وأوضح أن الغارة وقعت فوقت ذروة تواجد المدنيين داخل منازلهم، مما زاد من عدد الإصابات والشهداء.
وأضاف "جبر"، خلال رسالة له على الهواء ، أن الطواقم الطبية والإغاثية واجهت صعوبات كبيرة في الوصول إلى موقع القصف، بسبب استمرار تحليق الطائرات الحربية الإسرائيلية في الأجواء، إلى جانب الدمار الهائل الذي ألحقته الغارة بمحيط المنزل. وأشار إلى أن عمليات البحث وانتشال جثامين الشهداء والمصابين لا تزال مستمرة حتى لحظة إعداد التقرير، وسط تحذيرات من ارتفاع عدد الضحايا بسبب وجود مفقودين تحت الأنقاض.
أكد مراسل "القاهرة الإخبارية" أن هذه الغارة تأتي في سياق تصعيد عسكري واسع تنفذه إسرائيل على مناطق متفرقة في قطاع غزة، منذ الساعات الأولى من فجر اليوم، مشيرًا إلى أن الاحتلال يواصل استهداف المناطق السكنية دون إنذار مسبق، ما يعكس تجاهلًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني. كما لفت إلى أن سكان غزة يعيشون حالة من الذعر والخوف المستمرين بسبب القصف العنيف الذي لا يستثني أحدًا.