"خطة انتقام" تدفع أمًّا لتحريض طفليها على قتل ابن عمهما بقنا

انفرط عقد الأسرة المترابطة التي عاش أبناؤها الخمسة وزوجاتهم في منزل واحد، يأكلون معًا ويقضون كل أوقاتهم معًا، لا يفرقهم سوى النوم، بسبب غيرة الزوجات. بعدما أعمت الرغبة في الانتقام سيدة من (سلفتها)، فجعلت من طفليها مجرمين، قتلا ابن عمهما انتقامًا من أمه، بعدما تخيلت أنها لم تحزن على وفاة ابنها الذي توفى منذ أيام. فخططت لتحرق قلبها وكأنها فقدت عقلها، وانتزعت الرحمة من صدرها، فقد دفعها حقدها إلى ارتكاب جريمة مزدوجة في حق شقيق زوجها وزوجته من جهة، وفي حق طفليها اللذين أبحا قتلة وهما لم يكملا عامهما العاشر.
اختفاء الطفل
كان اختفاء الطفل ذي العامين ونصف من العمر، ليس فقط حادثًا مفزعًا بالنسبة لعائلته التي تعيش في قرية فاو، قبلي بمركز دشنا بمحافظة قنا، لكنه كان بمثابة طعنة جديدة في موضع جرح لم يتماثل بعد للشفاء.

فقبل اختفاء رحيم بثلاثة أسابيع، كان بيت العائلة الكبير - الذي يضم خمسة أشقاء يعملون بالزراعة وصيد الأسماك، يعيشون مع زوجاتهم وأبنائهم مع والدهم كعادة أهل الصعيد في المعيشة المشتركة - قد شهد كارثة مزلزلة بسقوط الطفل آدم في بئر بساحة خلفية من البيت، مما نتج عنه وفاته. وهو ابن عم رحيم الذي اختفى في ظروف غامضة.
البحث عن الطفل
وأفزع نبأ اختفاء رحيم القرية بأكملها. فهرعوا يبحثون عنه في كل مكان، إلا أن كل جهود البحث عن الطفل باءت بالفشل، فخيم اليأس والإحباط على الجميع، فلا يمكن أن يكون اختفاء الطفل أمرًا طبيعيًا.
وكان الجميع يتوجسون خيفة من أن يكون رحيم قد غرق في النيل، الذي يبعد حوالي ٢٠٠ متر عن منزل العائلة المكلومة، غير أن أحدًا لم يلاحظ وجود الطفل بالقرب من الشاطئ قبل غيابه.
إبلاغ المباحث
فما كان من الجد إلا أن جمع أبناءه الخمسة، وبعد أن تيقن الجميع من أن في الأمر شيء غامض، وافقوا على أن يذهب شقيقهم، والد الطفل رحيم، لإبلاغ الرائد عمر الشريف، رئيس مباحث دشنا، بغياب نجله.
وعلى الفور، أمر اللواء أحمد البديوي، مدير المباحث الجنائية، بتشكيل فريق بحث قاده العقيد محمد الدروي، رئيس فرع شمال قنا، وبتكثيف التحريات ومراجعة الكاميرات في محيط منزل العائلة.
ظهور الأطفال
ظهر الطفل رحيم مع ابن وبنت عمه، الطفلين الأول (١١ سنة) والثانية (٨ سنوات)، وهما شقيقا الطفل آدم الذي لقي مصرعه في البئر.
وكان لابد من استدعاء الطفلين ووالديهما للاستماع إلى أقوالهما، ومعرفة أين تركا رحيم بعد ظهورهما معه قبل اختفائه. ولكن بمجرد مناقشتهما كشفا عن مفاجأة مفزعة، إذ قررا أن والدتهما أمرتهما بأن يصطحبا ابن عمهما ويذهبا لإلقائه في نهر النيل في غفلة من الناس، وهو بالفعل ما قام الطفلان الشقيقان بتنفيذه امتثالًا لأمر والدتهما، التي تبين أنها أقدمت على ذلك نكاية في أم الطفل رحيم (زوجة شقيق زوجها).
اعتراف المتهمة
واعترفت أم الطفلين لفريق ضباط المباحث خلال استجوابها، بما أقر به طفلاها، أنها اغتاظت من والدة رحيم لأنها لم يبد عليها الحزن عند غرق ابنها آدم في البئر، وكأنها تشمت في وفاته. فحرضت طفليها على إلقاء رحيم حيًا في النيل، وهو ما قاما بتنفيذه بالفعل.
العثور على الجثة
وبعد رحلة بحث عن جثة رحيم، عثر عليها بعد اليوم الرابع من تنفيذ الجريمة الشنعاء، جثة طافية على سطح النيل في نطاق محافظة سوهاج، على بعد عشرات الكيلومترات من مكان إغراقه.
وتم إخطار النيابة التي تولت التحقيق، وأمرت بإيداع الطفلين منفذي الجريمة في إحدى دور الرعاية بقنا، كما قررت حبس المتهمة ٤ أيام على ذمة التحقيق.