عاجل

عيد الإذاعة المصرية "هنا القاهرة" الـ91..عندما ولدت حكاية المصريين من الراديو

في عيد الأذاعة المصرية
في عيد الأذاعة المصرية "هنا القاهرة"

في مساءٍ دافئ من مايو 1934، اجتمع المصريون حول صندوق خشبي صغير يُدعى "الراديو"، حين دوَّى الصوت التاريخي: "هنا القاهرة"، ليولد من هذه الكلمات البسيطة زمنٌ جديد، تحكيه الإذاعة المصرية منذ 91 عامًا وحتى اليوم.

في تمام الخامسة والنصف مساء 31 مايو 1934، أعلن الإعلامي أحمد سالم بدء أول بث رسمي للإذاعة المصرية، ليكتب بداية حكاية إعلامية غيرت وجه الوطن، وفتحت نافذة للأمل والتنوير في كل بيت.

تحية لأول صوت مصري

ربما لا يعلم الكثيرون أن يوم 31 مايو لم يكن مجرد تاريخ إذاعي، بل أصبح "عيد الإعلاميين" في مصر منذ عام 1983، اعترافًا بدور الكلمة، واحتفاءً بكل من حمل الميكروفون والرسالة معًا.

كان ذلك اليوم شاهدًا على احتفال كبير بساحة وزارة المواصلات، حضره الملوك والمثقفون، واكتملت ملامحه بصوت الشيخ محمد رفعت يتلو آيات من الذكر الحكيم، ثم صوت كوكب الشرق أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وصالح عبد الحي، ليصبح الفن والروح والدين شركاء في ولادة هذا المنبر الفريد.

من الهواية إلى الرسالة.. هكذا بدأ البث

قبل الإذاعة الرسمية، كانت مصر تعرف "الراديو" من خلال الأجانب القادمين من أوروبا، وجاءت المحاولات الأولى في شكل إذاعات أهلية بأسماء غريبة مثل "راديو فؤاد" و"مصر الحرة"، لكن نقص أجهزة الاستقبال وتداخل الإشارات حال دون انتشارها.

ومع التعاون بين الحكومة وشركة "ماركوني" البريطانية، انطلقت الإذاعة المصرية رسميًا بعقد استمر عشر سنوات، ثم تمصرت بالكامل بعد ذلك، لتصبح لاحقًا ملكًا للشعب وصوتًا للوطن.

ماسبيرو.. المبنى الذي حكى تاريخ مصر

من شارع علوي إلى شارع الشريفين، ثم إلى مبنى ماسبيرو العريق على كورنيش النيل، كانت رحلة الراديو الإذاعة المصرية كرحلة الوطن ذاته؛ مليئة بالتحديات والإنجازات، قد بدأ بناء ماسبيرو في 1959 بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر، واكتمل في يوليو 1960 ليضم الإذاعة والتلفزيون معًا، ويُصبح رمزًا ثقافيًا لكل بيت مصري.

ولم تكن تلك مجرد مبانٍ، بل كانت منابر حقيقية شكّلت وجدان الناس، صنعت النجوم، واحتضنت برامج حفرت في الذاكرة من الراديو مثل "كلمتين وبس" و"لغتنا الجميلة" و"البرنامج العام".

في مواجهة الزمن.. الإذاعة لا تموت

رغم ظهور التلفزيون في الستينيات، وتطور الوسائط الرقمية، ظل الراديو يحتفظ بمكانته في قلوب المصريين. إذ تحوّلت الإذاعة إلى مؤسسة عامة، وأنشأت إذاعات متخصصة كـ "الشباب والرياضة" و"القرآن الكريم"، وامتد البث إلى 34 لغة، ليصل الصوت المصري إلى أبعد مدى.

وفي 2018، تأسست الهيئة الوطنية للإعلام التي تتبعها الإذاعة حتى اليوم، ضمن خطة الدولة لإعادة تنظيم المشهد الإعلامي، مع الحفاظ على إرثها التاريخي.

تم نسخ الرابط