مقام إبراهيم.. الحجر الذي غاصت فيه قدم خليل الله عند بناء الكعبة

مقام إبراهيم هو حجر أثري قام عليه النبي إبراهيم عند رفع قواعد الكعبة وفقاً للعقيدة الإسلامية. وقد شُقَّ عليه نتوء الحجارة حيث كان النبي إبراهيم يقوم عليه ويبني، وهو الحجر الذي قام من عليه بالأذان والنداء للحج بين الناس، وفي هذا الحجر أثر قدمي النبي إبراهيم، بعدما غاصت فيه قدماه، وهو الحجر التي تعرفه الناس اليوم عند الكعبة المشرفة، ويصلون خلفه ركعتي الطواف. فقد روى البخاري عن ابن عباس قال: (فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾
مقام إبراهيم عليه السلام
والحجر مربع الشكل طوله نصف متر تقريباً لونه بين البياض والسواد والصفرة ومغطى حالياً بواجهة زجاجية عليها غطاء من النحاس من الخارج وأرضية رخامية، وهو حجر رخو من نوع حجر الماء غاصت فيه قدم النبي إبراهيم وبرزت فيه آثار قدميه، ولكن نتيجة لتمسح الناس فيه طمست ملامح القدم. قال ابن كثير: "وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه ولم يزل هذا معروفا تعرفه العرب في جاهليتها، وقد أدرك المسلمون ذلك فيه أيضًا، كما قال أنس بن مالك: " رأيت المقام فيه أصابعه وأخمص قدميه. غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم. وروى ابن جرير عن قتادة أنه قال: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه، وقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها. ولقد ذَكَرَ لنا من رأى أثر عقبه وأصابعه فيه فما زالت هذه الأمة يمسحونه حتى انمحى
كان الحجر هو ما وقف عليه النبي إبراهيم عند بناء الكعبة، روى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - أنه لما أتى إبراهيم إسماعيل وهاجر موضعهما بمكة، وأتت على ذلك مدة، ونزلها الجرهميون، وتزوج إسماعيل منهم امرأة، وماتت هاجر، واستأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر فأذنت له، وشرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم مكة وقد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلاً تحت دوحة قريبة من زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد، ثم قال: "يا إسماعيل إن الله - تعالى - أمرني بأمر تعينني عليه، قال: أعينك عليه، قال: إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتاً، فعند ذلك رفع القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، فلما ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام إبراهيم على الحجر المقام وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
واستمر الحجر كما هو في مكانه ملاصقا للكعبة حتى عهد رسول الله في يوم الفتح حيث أخره عن موضعه عندما نزلت آية «واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى» إلى مكانه الحالي حتى لا يعوق المصلون خلفه الطائفين.
وفي عهد عمر بن الخطاب وقع سيل شديد سمى بـ (سيل أم نهشل) وجرف حجر المقام من مكانه وذهب به بعيدا.. جاء عمر فزعا من المدينة وجمع الصحابة وسألهم: « أناشدكم أيكم يعرف موقع هذا المقام في عهد رسول الله؟» فقام رجل وقال: أنا يا عمر.. لقد أعددت لهذا الأمر عدته.. لذلك قست المسافة التي تحدد موضع المقام بالنسبة لما حوله.. وبالفعل أرسل عمر في طلب الحبل من بيت الرجل وتأكد من صدق كلامه وأعاد المقام إلى مكانه، وكان ذلك في رمضان عام 17هـ فهو في موقعه إلى اليوم.