«حازم طه»: الإذاعة قدمت رحلة تنويرية رائعة على مدى تاريخها الرائع

تحتفل الإذاعة المصرية بعيدها الحادي والتسعين، حيث انطلقت أولى موجاتها في 31 مايو 1934، لتكون صوت مصر والعالم العربي على مدار عقود طويلة، في هذه المناسبة، تحدث الإذاعي الكبير حازم طه عن مشواره مع الإذاعة، مؤكدًا أن الإذاعة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار أو الترفيه، بل هي ذاكرة الأمة ومرآة المجتمع المصري والعربي، حيث رصدت كل الأحداث التاريخية الكبرى، من ثورات وحروب وتحولات اجتماعية، واحتفظت بأرشيف ضخم من الذكريات والتجارب التي لا تُقدر بثمن.
أشار حازم طه خلال مكالمة هاتفية عبر قناة “اكسترا نيوز" الى أن الإذاعة المصرية لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الجمعي، من خلال برامجها الثقافية والدينية والاجتماعية، وكانت دائمًا منصة للتنوير ونشر القيم الإيجابية ، كما أكد أن الإذاعة ساهمت في اكتشاف ورعاية العديد من المواهب في مجالات الفن والثقافة والإعلام، وأصبحت مدرسة تخرج فيها أجيال من الإعلاميين الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الإعلام العربي.
ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها الإذاعة مع ظهور التلفزيون ثم الإعلام الرقمي، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على مكانتها في قلوب المستمعين، خاصة من خلال تطوير برامجها وتحديث محتواها لمواكبة متطلبات العصر ، وشدد حازم طه على أهمية استمرار الإذاعة في أداء دورها التوعوي والثقافي، ونقل خبرات الرواد للأجيال الجديدة، حتى تظل الإذاعة جزءًا حيًا من حياة المجتمع المصري.
واختتم حديثه برسالة للأجيال الجديدة من الإعلاميين، داعيًا إياهم للحفاظ على رسالة الإذاعة، والاستفادة من تراثها الغني، والعمل على تطويرها بما يتناسب مع تطلعات الشباب واحتياجات المجتمع في ظل التغيرات المتسارعة في عالم الإعلام
نشأة وتاريخ الإذاعة المصرية ودورها عبر العقود:
بدأت الإذاعة في مصر في عشرينيات القرن العشرين وكانت عبارة عن إذاعات أهلية صغيرة، حتى جاء يوم 31 مايو 1934، حيث انطلقت أول محطة إذاعية حكومية رسمية من القاهرة، بالتعاون مع شركة ماركوني البريطانية. في هذا اليوم التاريخي، افتتحت الإذاعة المصرية بثها في الخامسة والنصف مساءً بآيات من القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، ثم جاءت جملة المذيع أحمد سالم الشهيرة: "هنا القاهرة"، والتي أصبحت علامة مميزة في ذاكرة المصريين ووجدانهم حتى اليوم.
في بدايتها، كانت الإذاعة المصرية تضم أربع محطات فقط، ومع مرور الوقت تطورت حتى وصلت الآن إلى عشر محطات إذاعية رئيسية وفرعية. تولى سعيد باشا لطفي أول رئاسة للإذاعة من 1934 حتى 1947. وقد مرت الإذاعة بعدة مراحل مهمة، منها فترة الإدارة البريطانية عن طريق شركة ماركوني، ثم مرحلة "التمصير" عام 1947 عندما ألغت الحكومة المصرية عقد ماركوني وتولت الإدارة بالكامل.
خلال سنواتها الأولى، لعبت الإذاعة دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي المصري والعربي، فكانت منبرًا لنقل الأخبار والأحداث الكبرى، ومنصة لاكتشاف ورعاية المواهب في مجالات الغناء والشعر والموسيقى مثل أم كلثوم وعبد الوهاب والشاعر علي الجارم. كما كانت الإذاعة جزءًا من الروتين اليومي للأسرة المصرية، تجمعهم حول صندوق الراديو لسماع البرامج والمسلسلات والأغاني والمواويل، وكانت شاهدًا على كل التحولات السياسية والاجتماعية في مصر والمنطقة العربية.
مرت الإذاعة بعدة مراحل إدارية، حيث انتقلت تبعيتها بين وزارات مختلفة، حتى أصبحت في الستينيات جزءًا من اتحاد الإذاعة والتليفزيون. من أشهر الإذاعات التي انطلقت من القاهرة إذاعة "صوت العرب" عام 1953، والتي لعبت دورًا محوريًا في دعم الوحدة العربية ومناهضة الاستعمار، خاصة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
تحتفظ الإذاعة المصرية اليوم بأرشيف هائل من التسجيلات والبرامج التي توثق تاريخ مصر الحديث، وتستمر في أداء دورها الثقافي والتنويري رغم التحديات التي فرضتها وسائل الإعلام الحديثة.