عاجل

الانضباط الدموي في الجحافل الرومانية .. كيف صنعت الفيالق التي لا تقهر؟

بناء الإمبراطورية
بناء الإمبراطورية الرومانية- أرشيفية

كانت الإمبراطورية الرومانية تعتمد على جيش حديدي الانضباط، يخضع لأقسى أنواع العقوبات في سبيل فرض النظام وتحقيق الانتصارات المتتالية، ولم يكن الموت غريبًا في معسكرات الجحافل، بل كان مصير كل من يخطئ أو يتهاون في تنفيذ الأوامر.

الانضباط الدموي 

في روما القديمة، تنتهي القوانين المدنية عند بوابات المدينة، وتبدأ قوانين عسكرية لا تعرف الرحمة. القائد العسكري كان الحاكم المطلق لحياة الجنود، يأمر فيُطاع دون نقاش، التمرد، العصيان، أو حتى الهروب من المعركة كانت أفعالًا يُعاقب أصحابها بأبشع الوسائل.

بناء الإمبراطورية الرومانية- أرشيفية
بناء الإمبراطورية الرومانية- أرشيفية

عقوبات تتجاوز حدود العقل

لم يكن هناك تساهل في تطبيق العقوبات الجلد، الإعدام، وقطع الرقاب كانت عقوبات شائعة. هناك واقعة شهيرة تبرز قسوة هذا النظام، عندما أرسل جنرال روماني ابنه في مهمة استطلاع، فخالف الأوامر وهاجم العدو وحقق النصر. ورغم ذلك، عاقبه والده القائد عقابًا صارمًا لأنه خالف التعليمات.

سر توسع الإمبراطورية

بفضل هذا الانضباط الحديدي، تمكنت الجيوش الرومانية من بسط سيطرتها على ثلاث قارات عبر أكثر من ألف عام، وكان عدد الجنود يتراوح بين 100 ألف و300 ألف مقاتل، من جنسيات مختلفة. وقد أسهم هذا النظام العسكري الصارم في إبقاء المقاطعات البعيدة تحت السيطرة المباشرة لروما.

الرعب في معسكرات الفيالق

الجندي الروماني كان يخاف من العقوبات داخل معسكره أكثر من مواجهة العدو، والمؤرخ اليوناني بوليبيوس، الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد، وصف المعاملة التي يتلقاها الجنود بأنها من أشد ما يكون من حيث القسوة والازدراء، خاصة للمذنبين والجبناء.

بناء الإمبراطورية الرومانية- أرشيفية
بناء الإمبراطورية الرومانية- أرشيفية

الإعدام والسحل بالأفيال

الخيانة، التجسس، الفرار من الخدمة، أو حتى النوم أثناء الحراسة، كانت جرائم تُعاقب بالموت، وأحيانًا بأبشع الطرق مثل السحل بأقدام الأفيال أو الإلقاء من الجرف، والجنود كانوا يُعدمون أحيانًا على يد زملائهم لإثبات الانضباط والردع.

عقوبة العُشر

إذا أخفقت وحدة عسكرية كاملة أو تقاعست، تُفرض "عقوبة العُشر" الشهيرة، حيث يُعدم واحد من كل عشرة جنود بطريقة وحشية، وغالبًا بالضرب حتى الموت على يد رفاقه الجنود الناجون من العقوبة يُنفون، ويُمنع أقاربهم من مساعدتهم.

في حادثة شهيرة، فشلت قوات يوليوس قيصر أمام قوات بومبي، فطالب الجنود أنفسهم بتنفيذ العقوبة الصارمة عليهم، لكن القيصر عفا عنهم، في مشهد نادر من التساهل في تاريخ روما العسكري.

عقوبات مهينة 

لم تقتصر العقوبات على الموت، بل شملت أيضًا إهانات متعمدة مثل نزع الأحزمة العسكرية، وتبديل القمح بالشعير، ونقل خيام الجنود المخالفين إلى قرب حظائر المواشي، كما كان يتم تخفيض رتب الضباط المذنبين، أو نقلهم من سلاح الفرسان إلى المشاة.

بداية السقوط

رغم أن روما اشتهرت بفيالقها التي لا تقهر، فإن بداية تفكك الإمبراطورية الرومانية ارتبطت بتراجع الانضباط داخل صفوف الجيش، مع ضعف القيادة، انخرط الجنود في النهب وابتزاز السكان المحليين، مما ساهم في الانهيار البطيء للإمبراطورية التي حكمت العالم لقرون.

تم نسخ الرابط