إنكار بركات ماء زمزم.. هل تشفي المشلول وتطلق لسان الأخرس؟ |واعظ يكشف (خاص)

أثار أحمد عبده ماهر الجدل حول حديث ماء زمزم لما شرب له، حيث أنكر وجود أدلة عقلية أو شرعية على تحقق بركات ماء زمزم سواء أكان للأخرس أو المشلول، وذلك منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم.

هل يشفي ماء زمزم المشلول ويطلق لسان الأخرس؟
وفي تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم» كشف الشيخ أحمد السيد السعيد الواعظ العام بمنطقة وعظ الدقهلية، أنه في خضم الموجات الحداثية التي تتلاطم بين الشك والتفكيك، طلع علينا بعضهم بإنكار حديث ماء زمزم، بل بإنكار بركاته، زاعمًا أن لا دليل علميًّا يُثبت فضله، وأن ما يُروى عنه لا يعدو أن يكون خرافةً عتيقةً في عباءة دينية! وهنا وجب الوقوف، لا بعصبية المُتعصّب، بل بعقلانية المؤمن المفكّر، وبيانٍ صادقٍ لا يُهادن.
صحة حديث ماء زمزم .. هل يدل على كرامتها؟
الحديث الذي يُنكرونه هو قول سيدنا النبي ﷺ: «ماء زمزم لما شُرب له»، وهو حديث صحيح، رواه الإمام ابن ماجه وغيره، وصححه جمع من العلماء كالحاكم والذهبي والسيوطي، وتلقته الأمة بالقبول، وإنكاره بدعوى أنه "حديث آحاد" لا يكفي، فالأحاديث الآحاد مقبولة في إذا لم يعارضها عقلٌ صريح ولا نقلٌ صحيح، كما نصّ على ذلك الجويني والنووي والغزالي والعز بن عبد السلام وغيرهم. ويكفي أن الصحابة الكرام فهموا هذا الحديث وطبقوه، وهذا تواتر عمليٌّ لا يُستهان به.
ما هي أدلة بركة ماء زمزم من الحديث والعقل؟
وأضاف: دعونا نتأمل منطقيًّا: أليس وجود "خاصية" في ماء معين أمرًا ممكنًا في ذاته؟ نحن نؤمن بوجود المياه المعدنية والمياه العلاجية التي تختلف في تركيبها وتأثيرها رغم تشابهها ظاهريًا؟ فلماذا يُستنكر على ماء زمزم، الذي نبع بإعجاز، أن يكون له أثرٌ روحانيّ وبدنيّ يتجاوز التحليل الكيميائي؟!، ثم إن لفظ "بركة" في اللسان العربي لا تعني بالضرورة الخروج عن سنن الكون، بل قد تعني زيادة النفع، ودوام الخير، وموافقة الحال للمراد. وماء زمزم بركةٌ بشهادة من ذاقه وجربه، وهذه الشهادات التي يتنكر لها الحداثيون هي من صلب المنهج العلمي التجريبي لا من خارجه!

بُطلان الحُكم المطلق من جهة العلم الحديث
وأشار الواعظ بالأزهر الشريف إلى أن من التسرع العقلي أن يُبطل أحدهم الحديث النبوي بدعوى أن "العلم الحديث" لم يُثبت تأثير ماء زمزم في الشفاء! لأن "عدم الإثبات" ليس "إثباتًا للعدم". بل الدراسات الحديثة قد أقرّت أن ماء زمزم متفرد في عناصره المعدنية ونقائه العالي، واحتفاظه بخواصه الكيميائية مهما تغيّرت الظروف، وذاك أمر لو كان في ماء آخر؛ لقامت له الدنيا.
متساءلًا: فكيف يُعاب الدين بأنه استبشر بنبع ماء من تحت قدمي نبي الله إسماعيل -عليه السلام-، ونسب إليه النفع، وهو القائل: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾؟!
حكم إنكار بركات ماء زمزم
وقال إن إنكار بركات ماء زمزم، ورفض الحديث الوارد فيه، ليس موقفًا علميًّا بريئًا، بل هو إفراز لفلسفة تعتقد أن القداسة لا يجب أن تمس شيئًا ماديًّا، وأن عالم الغيب يجب أن يُطرد من عالم الحس، وهذه فلسفة لا نُسلم لها، ولا تُسلَّم أصلًا؛ لأنها تُناقض أمورًا معلومة ومتواترة؛ فالله قد جعل في بعض الجمادات بركة؛ كالحجر الأسود، وفي بعض الأماكن حرمة، وفي بعض الأزمنة شرفًا، وكل ذلك يُثبت أن المادة في الإسلام ليست منفصلة عن الروح.
ونبه إنهم يُريدون تصورًا للدين خاليًا من الغيب، منزوعًا منه أثر الكرامة والمعجزة، أشبه بمنظومة فلسفية مادية لا تُؤمن بسرٍّ، ولا تُبصر أثرًا! وهذا ضرب من التجريف المعنوي للدين، ومحاولة تفكيكه من داخله باسم "العقل"، وهو في جوهره تعطيلٌ للعقل عن النظر في أفق الغيب.

زمزم ماء يُرتشف بقلبٍ مؤمن
وشدد على أن ماء زمزم لا يُقاس بمعايير المختبر وحدها، بل يُرتشف بقلبٍ مؤمن، وينظر إليه بعين تجمع بين الحس والعقل والروح. من أراد بركته فعليه بيقين النية، ومن أراد الجدال فزمزم لا تُريق ماءها في معارك الهوى. وأن من أنكر حديث سيدِنا النبي ﷺ بدعوى عدم إقرار العلم له؛ فليعلم بل فليوقن أن العلم الحق لا يُنكر النص، وإنما يقف أمامه متأدبًا، سائلًا، باحثًا، لا مكذبًا.
واختتم بأن زمزم بئر نبعت بإذن، وسُقيت بمدد، ولا تزال تتحدى كل فلسفةٍ تُريد للدين أن يكون خبرًا دون أثر، وروحًا دون جسد، ويقينًا دون علامات. وصدق من قال: "زمزمُ بركةٌ لا تُقاس، بل تُذاق". وكما قلنا: إن جوهر الإشكال مع الحداثيين أنهم يريدون تصورًا للدين منزوعًا من الغيب، يقينًا بلا علامات، وإيمانًا لا يستند إلى أثر، دينًا لا يعرف الكرامة ولا يُصدّق بالمعجزة، وكأن الغيب عارٌ يجب ستره، لا نورٌ يُستضاء به.