عاجل

أسطورة كفاح.. عبد النبي الشناوي 95 عامًا من الشقاء والعزة بشوارع السويس |صور

عم عبد النبي
عم عبد النبي

رغم بلوغه الخامسة والتسعين، لا يزال الحاج عبدالنبي الشناوي حسان، أقدم من يعمل في مهنة سن السكاكين في مصر، يمضي في طريقه متحديًا المرض والشيخوخة والحرمان. يرفض أن يكون عبئًا على أحد، ويواصل العمل يوميًا حاملًا على ظهره أدواته التي يتجاوز وزنها 25 كيلوغرامًا، يجوب بها شوارع محافظة السويس وقراها، بخطى بطيئة ولكن بإرادة لا تلين، سعيًا وراء لقمة عيش له ولزوجته.

 

من قرية الجعفرية إلى قلب السويس


ولد عبدالنبي في 12 سبتمبر 1933 بقرية الجعفرية التابعة لمركز السنطة بمحافظة الغربية. عاصر الحرب العالمية الثانية، والعدوان الثلاثي، وشارك في المقاومة الشعبية أثناء حصار السويس، حيث رسخ مكانته كأحد أبناء المدينة الأوفياء، ومنذ أن جاء إلى السويس طفلًا بصحبة والدته، اختار أن ينتمي إلى هذه الأرض، وتعلم مهنة سن السكاكين على يد أحد الحرفيين قبل أكثر من 75 عامًا، ولا يزال يمارسها حتى اليوم.

 

أب لثمانية.. ولا ينتظر من أحد شيئًا


رُزق عبدالنبي بثمانية أبناء وبنات، وله عدد كبير من الأحفاد لا يعرفه على وجه الدقة، لكنه لا ينتظر من أحدهم عونًا. يقول بأسى ممزوج بالكرامة: "أولادي مشغولين في حالهم، وأنا لا أريد أن أكون عبئًا على أحد. طالما ذراعي وساقاي لا تزالان تحملاني، سأواصل العمل حتى يأخذ الله أمانته."

يعمل 16 ساعة يوميًا دون كلل

يبدأ يومه من السابعة صباحًا ويعمل حتى المساء، يجوب الشوارع مناديًا بصوته الأصيل الذي يعرفه سكان السويس:" سن السكاكين يا ست البيت"، لا يطلب أجرًا محددًا، ويرضى بما يجود به الناس، حاملاً على كتفه آلة سنٍّ حديدية صنعها بنفسه منذ عقود، يجرها بإصرار لا يفتر. ورغم تقدم سنه، لا يفكر في التوقف، بل يردد بحلم بسيط:"نفسي أزور بيت ربنا وأحج."


لا معاش له، ولا مظلة تأمين أو دعم اجتماعي، ومع ذلك لم يعرف الشكوى طريقًا إلى لسانه. يعمل بكرامة، ويكافح بشرف، ويعيش حياته بعزة نفس قلّ نظيرها. عبدالنبي الشناوي ليس مجرد "سنان سكاكين"، بل هو رمز لجيل لا ينكسر، ونموذج نادر في زمن تغيّرت فيه القيم.

 

حلم بسيط في خريف العمر


رغم سنوات العمر الطويلة التي أمضاها في الشقاء والتجوال، يحمل عم عبدالنبي أمنية بسيطة لكنها غالية على قلبه، يقول بنبرة يغلبها الرجاء "نفسي يكون ليا كشك صغير في مكان هادي، أقدر أشتغل فيه بقية عمري بدل ما ألف في الشوارع. مش عايز أكتر من لقمة عيش بكرامة."
هذا الكشك بالنسبة له ليس مجرد مكان عمل، بل مأوى يحفظ له كرامته ويخفف عنه عناء السنين، ليقضي فيه ما تبقى من عمره بطمأنينة واستقرار.

تم نسخ الرابط