الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا
الاتحاد الأوروبي: شبكات الأسد وفلوله تهدد استقرار سوريا

دخل قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات الاقتصادية القطاعية المفروضة على سوريا حيز التنفيذ، صباح اليوم الأربعاء، في خطوة اعتبرها الأوروبيون داعمة لوحدة البلاد واستقرارها، لكنها لم تخلُ من التحذيرات الواضحة بشأن التهديدات التي لا تزال تمثلها شبكات النظام السابق وفلوله.
ووفقًا لما ورد في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، فإن القرار يهدف إلى تسهيل التعاون مع الشعب السوري ومؤسساته، في إطار المساهمة في إعادة بناء سوريا الجديدة، القائمة على أسس الوحدة والتعددية والسلم، والخالية من التأثيرات الخارجية "الخبيثة".
تحذير الاتحاد الأوروبي من شبكات الأسد
رغم الطابع الإيجابي للقرار، فقد تضمن تحذيرات مباشرة من شبكات محسوبة على عائلة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، والتي لا تزال ناشطة داخل سوريا وخارجها، واعتُبرت "غير منحلة"، وتمثل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الوطني ولمسار الانتقال السياسي.
وأكد الاتحاد الأوروبي أن هذه الشبكات التي وُصفت بـ"فلول النظام السابق" تسعى إلى تقويض المرحلة الانتقالية، عبر محاولات زعزعة الأمن والعودة إلى ممارسات النظام القديم، مما يثير مخاوف حقيقية بشأن مصير العملية السياسية برمتها.

أحداث الساحل وتخوفات أمنية
وفي هذا السياق، سلط الاتحاد الضوء على أحداث العنف التي شهدها الساحل السوري في مارس الماضي، مشيرًا إلى أنها جرت بتدبير من عناصر تابعة للنظام السابق، وفق ما ورد في الجريدة الرسمية. كما أعرب عن قلقه من احتمالية استخدام العنف الطائفي كوسيلة لخلق الفوضى وإعاقة جهود إعادة الاستقرار في البلاد.
كذلك كشف التقرير عن وجود أكثر من 100 موقع مشتبَه في احتوائه على أسلحة كيميائية في الأراضي السورية، داعيًا إلى الإسراع في تدميرها بالكامل، في إطار الالتزام بالاتفاقيات الدولية الخاصة بنزع الأسلحة المحظورة.
دعم اقتصادي مشروط
ويأتي رفع العقوبات في وقت تسعى فيه الحكومة السورية الجديدة، التي تسلمت السلطة في ديسمبر الماضي، إلى استعادة ثقة المجتمع الدولي وإعادة عجلة الاقتصاد الوطني المتوقف منذ أكثر من عقد بسبب الحرب والعقوبات الغربية.
وكان مراسل قناتي "العربية" و"الحدث" أفاد أمس بأن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي صادقت رسميًا على قرار رفع العقوبات، ليصبح نافذًا اعتبارًا من صباح الأربعاء.
ويُعد هذا القرار تحولًا جوهريًا في الموقف الأوروبي من الملف السوري، إذ من المتوقع أن يمنح الاقتصاد السوري دفعة قوية، ويفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات الخارجية، ويشجع على إعادة الإعمار، شريطة الحفاظ على بيئة آمنة ومستقرة ومنفتحة سياسيًا.
التزامات الحكومة الجديدة
في المقابل، أعلنت الإدارة السورية الجديدة، قبل أكثر من شهر، أنها ماضية في ملاحقة جميع من تورطوا في انتهاكات خلال الأحداث الطائفية الأخيرة التي شهدتها مناطق الساحل السوري، وأكدت تشكيل لجنة تحقيق رسمية للنظر في تلك الانتهاكات.
كما شددت الحكومة على التزامها الكامل بمبادئ العدالة الانتقالية، وتطبيق القانون على كل من تورط في أعمال عنف، بصرف النظر عن انتمائه السياسي أو الطائفي، في مسعى منها لكسب ثقة المجتمع المحلي والدولي على حد سواء.

خطوة نحو إعادة بناء سوريا
وفي حين يرى مراقبون أن رفع العقوبات قد يسهم فعليًا في تخفيف الأعباء الاقتصادية والمعيشية التي أثقلت كاهل السوريين لسنوات، إلا أن الاتحاد الأوروبي أوضح بجلاء أن دعمه موجه إلى الشعب السوري ومؤسساته المدنية، لا إلى أي أطراف أو شبكات مرتبطة بالنظام السابق أو المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
وتبقى الأنظار متجهة إلى تنفيذ الحكومة السورية الجديدة لتعهداتها بشأن المحاسبة، والشفافية، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، بما يضمن تحييد التأثيرات السلبية المتبقية من عهد الأسد، وفتح صفحة جديدة نحو سوريا موحدة وآمنة ومستقرة.