فى ذكرى ميلاده.. جورج سيدهم أحد أعمدة الكوميديا والموهبة التي لا تُنسى

تحل اليوم، الأربعاء 28 مايو، ذكرى ميلاد الفنان الكبير جورج سيدهم، أحد أبرز أعمدة الكوميديا المصرية، الذي ترك بصمة لا تمحى في وجدان الجمهور العربي من خلال أعمال مسرحية وسينمائية وتلفزيونية لا تزال محفورة في ذاكرة الفن، كما ساهم في صناعة مجد فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" التي كانت بمثابة انطلاقة ثورية للكوميديا المصرية الحديثة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

نشأة علمية وبدايات فنية مبكرة
وُلد جورج سيدهم عام 1938 بمحافظة سوهاج، وفي الوقت الذي برزت فيه موهبته في التمثيل خلال المرحلة الثانوية، كان متفوقًا دراسيًا، ليتخرج من كلية الزراعة بجامعة عين شمس عام 1961، متخصصًا في قسم الإنتاج الحيواني. لم يكتفِ بذلك، بل حصل على درجة الماجستير في التلقيح الصناعي، وكان في طريقه للحصول على الدكتوراه قبل أن يُقرر التفرغ للفن، الذي طالما كان شغفه الأول.
ثلاثي أضواء المسرح.. شرارة المجد
بدأت انطلاقة جورج سيدهم الحقيقية في عالم الترفيه من خلال برنامج "مع الناس"، حيث قدّم فقرات تمثيلية مع الفنان الضيف أحمد، قبل أن ينضم إليهما سمير غانم، ويؤسّسوا معًا عام 1963 واحدة من أشهر الفرق الكوميدية في تاريخ الفن المصري: ثلاثي أضواء المسرح، والتي كوّنها المخرج التليفزيوني محمد سالم.
عُرف الثلاثي بإبداعهم في الاسكتشات الكوميدية القصيرة ذات الطابع الغنائي والساخر، مثل "دكتور الحقني" و"كتوموتو"، وكان لهم الفضل في إدخال هذا اللون إلى الساحة الفنية المصرية، ثم انتقلوا إلى خشبة المسرح، حيث قدموا أعمالًا شهيرة مثل:
طبيخ الملايكة (1964)
براغيت (1967)
فندق الأشغال الشاقة (1969)
كل واحد وله عفريت (1970)
كما تألق الثلاثي في فوازير رمضان، ومن أشهرها "فوازير ثلاثي أضواء المسرح" عام 1968 و"وحوي يا وحوي" عام 1969، إلى جانب مشاركتهم في عدد كبير من الأفلام السينمائية التي جمعت بين التسلية والنقد الاجتماعي.
من الانفصال إلى النجومية الفردية
رغم الرحيل المفاجئ للضيف أحمد في 6 أبريل 1970، استمرت الفرقة تحت نفس الاسم، وواصل جورج وسمير تقديم أعمال ناجحة أبرزها: موسيكا في الحي الشرقي (1971)، جوليو ورومييت (1973)، والمتزوجون (1976)، والتي تُعد من كلاسيكيات المسرح المصري، وشهدت تألق جورج سيدهم في أداء دور المرأة بطريقة كوميدية راقية.
وفي عام 1983، انفصل الثنائي جورج وسمير فنيًا، ليبدأ كل منهما مشواره المستقل. احتفظ جورج باسم الفرقة، وواصل تقديم أعمال مسرحية مميزة منها:
جواز مع الاشتراك في الأرباح (1984)
كلام خواجات (1984)
حب في التخشيبة (1994)
رصيد سينمائي مميز
قدم جورج سيدهم باقة من أنجح الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية، منها:
الجراج
الشقة من حق الزوجة
المعتوه
عالم عيال عيال
قاع المدينة
أضواء المدينة
البحث عن فضيحة
المجانين الثلاثة
معبودة الجماهير
آخر شقاوة
معسكر البنات
الجانب الإنساني والزواج المتأخر
عُرف جورج سيدهم بلقب "أشهر عازب في الفن"، وكان يرفض فكرة الزواج لفترة طويلة، واصفًا إياها بـ"النظام الفاشل"، كما كشف صديقه الراحل سمير غانم في لقاء سابق. إلا أن جورج فاجأ الجميع بقراره الزواج في سن الخمسين من الدكتورة ليندا مكرم، وهي صيدلانية، ووجد فيها شريكة لحياته قدمت له الدعم في أصعب لحظاته.
محنة المرض والرحيل
تعرض جورج سيدهم في سنواته الأخيرة لوعكة صحية خطيرة أثرت على قدرته على الحركة والكلام، وأبعدته تمامًا عن الأضواء والفن. وعلى الرغم من المرض، ظل محتفظًا بابتسامته وروحه الطيبة التي عرفها الجمهور. وقد وافته المنية في 27 مارس 2020، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا غنيًا، ومسيرة عنوانها الإبداع والصدق الفني.