لاجئ من القدس ووسيط في واشنطن.. من هو بشارة بحبح مهندس مبادرة وقف إطلاق النار؟

في خضمّ تعثّر المفاوضات الرسمية بين إسرائيل وحركة حماس، عاد اسم بشارة بحبح إلى واجهة الأحداث بوصفه أحد الوسطاء غير الرسميين الذين يقودون جهودًا موازية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد أن قدّم مقترحًا دبلوماسيًا رفضته إسرائيل رسميًا، واعتبرته "بعيدًا عن متطلباتها الأمنية"، وفق ما نقلته صحيفة يسرائيل هيوم عن مسؤول حكومي رفيع.
المبادرة التي قادها بحبح، والتي نُقلت عبر قنوات أمريكية غير حكومية، طالبت بانسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل شهرين في غزة، وفتح المعابر والإمدادات، واعتراف واشنطن بحماس كفاعل سياسي، مقابل إطلاق مرحلي للرهائن الإسرائيليين، وهو ما رأته تل أبيب "تنازلًا عن أهداف الحرب".

لكن هذا المقترح ينسجم مع قناعات بشارة بحبح، الذي يؤمن بأن الحل لا يكون إلا عبر "الحوار مع جميع الأطراف"، بما في ذلك القوى المسلحة غير المعترف بها رسميًا، مستندًا إلى خلفيته الأكاديمية والسياسية الطويلة، وعلاقاته القوية داخل دوائر صناعة القرار في واشنطن.
لاجئ من القدس ووسيط في واشنطن
ولد بشارة بحبح عام 1958 في البلدة القديمة بالقدس لعائلة فلسطينية من أصول يافاوية ومقدسية. بعد النكبة، نزحت عائلته إلى الأردن، وهناك عاش سنواته الأولى كلاجئ، قبل أن يعود إلى القدس ويتلقى تعليمه في ظروف صعبة.
سافر إلى الولايات المتحدة في 1976 بعد حصوله على منحة دراسية، وواصل دراسته في جامعة هارفارد حيث حصل على الدكتوراه في قضايا الأمن الإقليمي. شغل لاحقًا مناصب أكاديمية، منها أستاذ في جامعة هارفارد ومدير مشارك لمعهد الشرق الأوسط، إلى جانب نشاطه في مجالات الاقتصاد وإدارة الثروات.
في الشأن السياسي، كان بحبح من أعضاء الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات الأمن الإقليمي بعد اتفاق أوسلو، كما لعب أدوارًا متعددة داخل السياسة الأمريكية، متأرجحًا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حسب مواقفهما من القضية الفلسطينية.

العرب من أجل ترامب.. ثم من أجل السلام
اشتهر بحبح بدعمه العلني للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأسّس عام 2024 منظمة "العرب الأمريكيون من أجل ترامب" لحشد الأصوات العربية الأمريكية خلفه، على خلفية ما وصفه بـ"خيبة الأمل" من سياسات إدارة بايدن تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة.
لكن موقفه تغيّر لاحقًا بعد إعلان ترامب عن خطة لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" وترحيل سكانها، ما دفع بحبح إلى إعادة تسمية منظمته إلى "العرب الأمريكيون من أجل السلام"، في محاولة للعودة إلى مقاربة أكثر توازنًا.
ووفق مصادر صحفية، لعب بحبح دورًا محوريًا في التواصل بين حركة حماس وبعض الجهات الأمريكية، وكان له إسهام غير مباشر في عملية الإفراج عن الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر في مايو 2025، والذي أسرته كتائب القسام خلال عملية طوفان الأقصى.
وسيط غير رسمي أم قناة خلفية للسلام؟
بينما رفضت إسرائيل مبادرته بشدة، وأكدت تمسكها بخطة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، التي تقوم على وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق مرحلي للرهائن، يواصل بحبح تحركاته عبر القنوات الخلفية، مستفيدًا من شبكة علاقات مع مستشاري ترامب وبعض القيادات العربية.
ويُنظر إلى مبادرة بحبح على أنها جزء من مسار دبلوماسي موازٍ وغير رسمي، يحاول كسر الجمود في المفاوضات الرسمية، خاصة في ظل تعنّت المواقف من الطرفين، وتعثر خطة ويتكوف نفسها التي لا تزال عالقة عند تفاصيل الهدنة ومدتها.