درع الغاز العائم.. كيف تؤمّن سفينة التغويز النرويجية احتياجات مصر في صيف ساخن؟

في تحرك استباقي لتعزيز أمن الطاقة خلال شهور الذروة، استقبلت مصر أمس سفينة تغويز نرويجية تُستخدم لتحويل الغاز الطبيعي المُسال إلى حالته الغازية تمهيدًا لضخه في الشبكة القومية، في خطوة تعكس استعداد الحكومة لمواجهة التحديات المتوقعة في قطاع الطاقة خلال فصل الصيف.
ما هي سفينة التغويز؟
سفينة التغويز أو ما يعرف بـFSRU “وحدة إعادة التغويز العائمة” تُعد بمثابة محطة عائمة متقدمة تكنولوجيًا، مهمتها الأساسية تحويل الغاز الطبيعي من حالته السائلة إلى حالته الغازية.
ويتم نقل الغاز الطبيعي المُسال (LNG) عبر ناقلات ضخمة في حالة سائلة عند درجة حرارة منخفضة جدًا نحو -162 مئوية، لتقليل حجمه وتسهيل نقله.
وعند الوصول إلى محطة التغويز، تقوم السفينة بإعادة الغاز إلى حالته الغازية قبل ضخه في الشبكة القومية للغاز، التي تتطلب ضغطًا ومعايير فنية دقيقة لضمان كفاءة التشغيل.
كيف تعمل سفينة التغويز؟
1. استقبال الغاز المُسال LNG
يصل الغاز الطبيعي في حالته السائلة إلى السفينة عبر ناقلات خاصة، ويُخزن في خزانات معزولة عند -162 درجة مئوية.
2. التسخين بمياه البحر
تُستخدم مياه البحر الدافئة في مبادلات حرارية لتسخين الغاز السائل، مما يعيده إلى حالته الغازية.
3. الضغط
يُضغط الغاز بعد تغويزه إلى ضغط يصل إلى 200 بار، لتجهيزه للضخ في الشبكة.
4. التخزين المؤقت
يُخزن الغاز في أسطوانات ضخمة “قناني ضغط” تبلغ سعة الواحدة منها 15 مترًا مكعبًا.
5. الضخ في الشبكة القومية
يُضخ الغاز المضغوط في الشبكة القومية للغاز بعد وصوله إلى الضغط والمعايير الفنية المطلوبة، لتغذية محطات الكهرباء والمصانع.

لماذا الآن؟
تأتي هذه الخطوة في توقيت بالغ الحساسية، إذ يشهد فصل الصيف عادة زيادة ملحوظة في استهلاك الغاز الطبيعي، خاصة من قبل محطات توليد الكهرباء التي تعتمد عليه بشكل أساسي في التشغيل.
ووفقًا لمصادر بقطاع البترول، تهدف الحكومة إلى تأمين كميات إضافية من الغاز خلال أشهر الصيف لتفادي أي نقص قد يؤدي إلى اضطرابات في التيار الكهربائي، خاصة في ظل استمرار درجات الحرارة المرتفعة واعتماد عدد من الصناعات الاستراتيجية على الغاز كمصدر رئيسي للطاقة.
مصر وسوق الغاز العالمية
رغم أن مصر تُعد من الدول المنتجة والمُصدّرة للغاز الطبيعي، خاصة بعد اكتشاف حقل ظهر العملاق، فإنها ما زالت تلجأ إلى استيراد الغاز المُسال من الأسواق العالمية في بعض الفترات لتغطية الفجوات الموسمية في الطلب، خصوصًا بعد تراجع إنتاج بعض الحقول، وارتفاع احتياجات السوق المحلي.
ويقول خبراء إن اللجوء إلى وحدات التغويز يمثل حلاً مرنًا وسريع التنفيذ مقارنة بإنشاء محطات تغويز أرضية، التي تتطلب سنوات من الإنشاء واستثمارات ضخمة.
استخدام مصر لسفن التغويز
سبق لمصر أن اعتمدت على سفن التغويز خلال فترات سابقة، خاصة في أعقاب أزمات نقص الغاز التي شهدتها البلاد قبل بدء الإنتاج من حقل ظهر. ومع تحسن الإنتاج في 2018-2019، تم الاستغناء عن تلك السفن مؤقتًا.
لكن مع تعقيدات السوق العالمي، وتراجع الكميات المخصصة للتصدير، عاد ملف استيراد الغاز وسفن التغويز إلى الواجهة، كأداة لضمان استقرار السوق المحلي.
تُرسل هذه الخطوة رسالة طمأنة للمواطنين والصناعات على حد سواء، بأن الحكومة تتحرك استباقيًا لتأمين احتياجات الطاقة، وتقليل احتمالات حدوث أي انقطاعات في التيار الكهربائي خلال أشهر الصيف، التي تمثل ذروة الطلب على الكهرباء والغاز.