آلية مشتركة لإعادة النازحين
بداية توحيد سوريا.. اتفاق كردي ـ سوري يعيد نازحي "الهول" إلى ديارهم

في تحوّل لافت قد يحمل ملامح بداية استعادة وحدة الأراضي السورية بعد سنوات من الانقسام، أعلنت السلطات الكردية في شمال شرق سوريا، مساء الاثنين، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لإعادة النازحين السوريين من مخيم الهول، أحد أخطر وأكبر المخيمات في الشرق الأوسط والذي يحتضن عشرات الآلاف من الأشخاص المتهمين بالارتباط بتنظيم داعش.
وكشف شيخموس أحمد، وهو مسؤول بارز في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا التي يقودها الأكراد، عن التوصل إلى "آلية مشتركة" مع الحكومة الانتقالية في دمشق، من أجل إجلاء المواطنين السوريين المقيمين في المخيم، مشيرًا إلى أن الاتفاق جرى خلال اجتماع ثلاثي ضم ممثلي الحكومة المركزية، وسلطات الإدارة الذاتية، ووفدًا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ورغم المخاوف من نقل إدارة المخيم إلى الحكومة المركزية، شدد أحمد على عدم وجود أي مناقشات في هذا الاتجاه حتى الآن، مؤكدًا استمرار إشراف الإدارة الذاتية على شؤون المخيم في الوقت الراهن.
مخيم الهول.. عقدة إنسانية وأمنية
يضم المخيم نحو 37 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال المرتبطين بمقاتلي تنظيم داعش، بينهم آلاف العراقيين وعدد من الجنسيات الأوروبية التي رفضت إعادتهم إلى بلدانهم. وتؤكد تقارير حقوقية دولية أن المخيم يعاني من ظروف إنسانية صعبة وانتشار للعنف والتطرف، في ظل محدودية الرقابة الأمنية وتضاؤل الخدمات.
وعلى مدى السنوات الماضية، جرت محاولات لإعادة السوريين إلى مناطقهم الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التوافق مع الحكومة المركزية لإعادتهم إلى مناطق تقع تحت سيطرة دمشق.
اتفاق مارس.. محاولة لتوحيد السلاح والسيادة
الاتفاق الجديد يأتي كامتداد لاتفاق أكبر وُقّع في مارس الماضي بين الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً، وينص على دمج القوات الكردية ضمن هيكل الجيش السوري الجديد، وتسليم إدارة المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط في شمال شرق البلاد إلى السلطة المركزية.
كما يقضي الاتفاق بتسليم دمشق إدارة السجون التي تضم نحو تسعة آلاف مقاتل من تنظيم داعش، وهي خطوة لا تزال محل تجاذب وضغط من قبل واشنطن، التي تعتبر الإسراع بتنفيذها أولوية أمنية لمنع تجدد نشاط التنظيم.
ببطء.. لكن المسار يتقدم
ورغم أن الاتفاق يشكل خطوة استراتيجية باتجاه إعادة توحيد سوريا وإنهاء تقسيمها إلى مناطق نفوذ، إلا أن تطبيقه يجري بوتيرة بطيئة، وسط تحديات ميدانية وسياسية تتعلق بمدى استعداد مختلف الأطراف للتنازل عن سلطاتها المحلية.
ويرى مراقبون أن اتفاق إجلاء نازحي الهول قد يكون "اختبار نوايا" فعلي لقدرة الطرفين على تطبيق الشق الأمني والإنساني من التفاهم، بما يمهد لاحقًا لتسويات أوسع تشمل كامل مناطق الشمال الشرقي.