ليُلقي خطاب العرش .. الملك تشارلز في كندا لأول مرة منذ تتويجه

وصل الملك تشارلز الثالث إلى العاصمة الكندية أوتاوا في زيارة رسمية هي الأولى له منذ تتويجه ملكًا على كندا وباقي دول الكومنولث.
الزيارة، التي تعد العشرون له إلى البلاد، تشهد لحظة تاريخية حيث يلقي الملك خطاب العرش بنفسه، في افتتاح الدورة الخامسة والأربعين للبرلمان الكندي.
ورغم أن هذا الخطاب يلقى عادة من قبل الحاكم العام نيابة عن الملك، فإن رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني دعا الملك شخصيًا لإلقائه، في خطوة رمزية تهدف إلى إبراز السيادة الكندية في وقت يشهد توترًا متزايدًا مع الولايات المتحدة.
ما هو خطاب العرش في كندا؟
خطاب العرش هو تقليد دستوري يفتتح بموجبه البرلمان الكندي أعماله بعد كل انتخابات أو دورة جديدة. تقليديًا، تلقيه الحاكمة العامة حاليًا ماري سيمون باعتبارها ممثلة الملك . لكن في هذه المناسبة الاستثنائية، يُلقي الملك الخطاب بنفسه، ما يمنح الحدث بُعدًا تاريخيًا فريدًا، إذ لم يقم أي ملك من قبل بهذه المهمة.
يستعرض خطاب العرش أجندة الحكومة الجديدة، ويُعد شرطًا أساسيًا لانطلاق أعمال البرلمان، حيث لا يمكن لمجلسي العموم والشيوخ مباشرة الجلسات قبل تلاوته رسميًا.
توتر مع واشنطن
تأتي زيارة الملك تشارلز وسط توتر سياسي بين كندا والولايات المتحدة، خاصة بعد التصريحات العدائية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصف كندا بازدراء بـ”الولاية رقم 51”. كما هاجم سلف كارني، جاستن ترودو، ونعته بـ”الحاكم ترودو”.
في هذا السياق، رأى رئيس الوزراء كارني أن دعوة الملك لإلقاء خطاب العرش تمثل تأكيدًا على استقلال كندا وهويتها الوطنية. وقال في مؤتمر صحفي: “هذا شرف تاريخي يُضاهي أهمية عصرنا”. كما أضافت الحاكمة العامة أن الزيارة تبرز “العلاقة الدائمة بين كندا والتاج”.
مراسم ملكية
حظي الملك تشارلز والملكة كاميلا باستقبال رسمي في مطار أوتاوا، بحضور كبار الشخصيات الكندية، بمن فيهم ممثلو الشعوب الأصلية. ثم توجه الزوجان الملكيان إلى قاعة ريدو، حيث شارك الملك في غرس شجرة القيقب — رمز كندا — وعقد اجتماعات مع الحاكمة العامة ورئيس الوزراء.
وفي صباح يوم الثلاثاء، انطلقت المراسم الرسمية في مبنى البرلمان، حيث رافق حرس الشرف الملك والملكة وسط طلقات مدفعية وتكريمات عسكرية. ثم ألقى الملك خطاب العرش من مجلس الشيوخ، قبل أن يتوجها إلى النصب التذكاري الوطني للحرب لتكريم الجنود الكنديين.
دعم كندي هادئ من الملك
رغم التزام الملك تشارلز بالحياد السياسي، إلا أنه أبدى دعمه الرمزي المتكرر لكندا في مناسبات عديدة هذا العام. ارتدى ميداليات كندية خلال زيارته لحاملة الطائرات HMS Prince of Wales، واختار كرسيًا كنديًا في احتفال الكومنولث بلندن، وزرع شجرة قيقب في قصر باكنغهام، في دلالات واضحة على اعتزازه بالعلاقة مع كندا.
زيارة الملك تشارلز الثالثة إلى كندا لا تحمل فقط طابعًا بروتوكوليًا، بل تعكس لحظة فاصلة في العلاقة بين كندا والتاج البريطاني، وتؤكد من جديد أهمية الهوية الوطنية والسيادة الكندية وسط التحديات السياسية الإقليمية. إنها زيارة تجمع بين التاريخ والرمزية، وتؤسس لفصل جديد في العلاقة بين الملك وشعبه في كندا.