بعد دفاعه عن الأمانة.. شاب من ذوي الهمم يتعرض لاعتداء بالأسلحة البيضاء

في واقعة مؤلمة هزت محافظة بورسعيد، تعرض الشاب محمد الشناوي، 42 عامًا، الذي يعاني من إعاقة ذهنية، لاعتداء وحشي على يد أربعة أشخاص أثناء تأديته لعمله اليومي داخل محل لبيع الأحذية. الحادث الذي وقع في منطقة المناخ، لم يكن مجرد جريمة سرقة عادية، بل كان بمثابة اعتداء صارخ على الأمانة والكرامة الإنسانية.
تفاصيل الحادث
المصاب محمد الشناوي، المعروف بطيبة قلبه وأخلاقه، يعمل بجد في محل للأحذية حيث يقضي يومه في نقل البضائع باستخدام تروسيكل من المحل إلى المخزن. وفي أحد الأيام، وبينما كان يؤدي عمله المعتاد، حاول أربعة أشخاص سرقة حوامل معدنية كانت تستخدم لعرض الأحذية. وعندما اكتشف محمد محاولتهم، تصدى لهم قائلًا: "دي حاجة الناس.. حرام السرقة".
ورغم إعاقته، رفض محمد السكوت، وقال لـ "نيوز رووم": لم أسكت .. وتحديت المعتدين"، لكنهم ردوا عليه بالعنف والضرب باستخدام الأسلحة البيضاء، ما أدى إلى إصابته بعدة طعنات في الفخذ والبطن.

محاولات الإنقاذ والتدخل السريع
ولحسن الحظ، تدخل أحد الشبان الذين يعرفون محمد شخصيًا من جيرانه، والذي سارع إلى إنقاذه من بين أيدي المعتدين، وتمكن من إبعاده عنهم قبل أن يتسببوا في إصابات قاتلة. وقال محمد في تصريحاته لـ"نيوز روم" بصوت مرتجف: "كنت هيموتوني عشان منعتهم يسرقوا بضاعة الناس".
تم نقل محمد إلى مستشفى السلام في بورسعيد، حيث أجريت له الفحوصات اللازمة وأثبت التقرير الطبي تعرضه لجروح قطعية في الفخذ الأيمن، بالإضافة إلى جرح سطحي في منطقة البطن.

ردود الأفعال
الفيديو الذي وثق لحظة الاعتداء على محمد تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار غضبًا واسعًا في الشارع البورسعيدي. كما تبادل المواطنون عبر الإنترنت مطالبات بسرعة القبض على الجناة، ومحاسبتهم على جريمتهم البشعة.
وأكد أحد العاملين في المحل الذي يعمل فيه محمد: "لم نتمالك أنفسنا عندما رأيناه غارقًا في دمائه. الجميع يعرف محمد بحسن خلقه، ولا يمكننا أن نترك حقه يضيع هباءً".
من جانبه، أعلنت الأجهزة الأمنية بمحافظة بورسعيد عن تشكيل فريق بحث جنائي سريع برئاسة اللواء ضياء زامل مدير مباحث بورسعيد، والذي تمكّن من تحديد هوية المتهمين في وقت قياسي. وأكدت الجهات الأمنية أنه تم إلقاء القبض على اثنين من المعتدين، في حين مازال البحث جاريًا عن باقي الجناة.
التحقيقات والإجراءات القانونية
وفي سياق متصل، أكد مصدر أمني أن التحقيقات ما زالت جارية وأن المتهمين سيخضعون للإجراءات القانونية وفقًا لقانون العقوبات المصري. كما أعرب ضباط قسم شرطة المناخ عن حرصهم على تقديم الجناة للعدالة، مع تأكيدهم على أن التحقيقات تسير بخطى ثابتة لضمان محاكمة عادلة.
من جانب آخر، أشار صاحب المحل إلى أن أحد أفراد أسرة أحد الجناة حاول التحدث معه قائلاً: "كل ده عشان ولد غلبان؟"، وهي تصريحات قوبلت بالاستنكار الشديد من الأهالي الذين طالبوا بمحاسبة الجناة وعدم التهاون في حقوق محمد.
حالة محمد الشناوي ليست مجرد حادث فردي، بل هي جرس إنذار يطالب المجتمع والمسؤولين بحماية ذوي الهمم، وتوفير بيئة آمنة لهم ضد أي اعتداءات. كما تبرز أهمية تفعيل قوانين ردع الجرائم التي تستهدف الأضعف في المجتمع، مثل ذوي الإعاقة، الذين غالبًا ما يعانون من التهميش في كثير من الأحيان.
هذا الحادث البشع، الذي أساء لروح الأمانة والإنسانية، سيظل علامة فارقة في مطالب المجتمع بمزيد من الحماية لحقوق الفئات الضعيفة، وكذلك دعم الأجهزة الأمنية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الجريمة والحد من تأثيراتها السلبية على الأفراد والمجتمع ككل.