مصر تواجه تحديات الدولار.. هل تكفي الاستثمارات الأجنبية لتحسين الوضع؟

تشهد مصر تحديات اقتصادية كبيرة في ظل الضغوط المتزايدة على مواردها من العملة الأجنبية. تراجع إيرادات قناة السويس بسبب التوترات في البحر الأحمر، إلى جانب انخفاض السياحة القادمة من بعض الدول مثل روسيا، وارتفاع فاتورة استيراد السلع الأساسية كالغاز الطبيعي والقمح، جعلت من الصعب على الاقتصاد المصري الحفاظ على استقراره النقدي.
تفاقم الوضع
وقد ساهمت عدة عوامل خارجية في تفاقم الوضع، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم العالمي وفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة على بعض الدول، مما رفع أسعار السلع الأساسية على المستوى العالمي. هذا الوضع انعكس بشكل سلبي على الميزان التجاري المصري، مما جعل الحكومة تسعى للبحث عن حلول لحل الفجوة الدولارية، أبرزها تحرير سعر الصرف وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
استقرار سعر الدولار
في هذا السياق، يرى الخبراء الاقتصاديون أن استقرار سعر الدولار الذي شهدته مصر في الآونة الأخيرة قد يكون مؤقتًا ما لم تُنفذ الدولة المزيد من الإصلاحات الهيكلية التي تدعم الإنتاج المحلي والصادرات.
التحديات المؤثرة على الدولار
قال الدكتور محمد عبد الهادي، خبير سوق المال لـ "نيوز رووم"، إن سعر الدولار شهد ارتفاعًا ملحوظًا في الفترات السابقة بسبب مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية. وأوضح في تصريح خاص لموقع "نيوز رووم" أن السبب الرئيسي في هذا الارتفاع هو نقص الموارد الدولارية، مشيرًا إلى أن الدولار قد ارتفع من 5 جنيهات إلى 70 جنيهًا قبل أن تتدخل الدولة بحزمة من الإجراءات الاقتصادية.
وأرجع "عبد الهادي" ارتفاع الدولار إلى مجموعة من العوامل الأساسية، أبرزها نقص مصادر النقد الأجنبي نتيجة التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، التي أثرت على إيرادات قناة السويس، إذ تراجعت بنسبة تراوحت بين 50 و60% نتيجة تحول مسارات السفن. كما ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية في تأثيرات سلبية على السياحة وسلاسل الإمداد العالمية، مما زاد من فاتورة الواردات الغذائية.
الاستثمار والتحويلات الأجنبية
في محاولة لتخفيف هذه الضغوط، لجأت الحكومة إلى حلول غير تقليدية مثل جذب الاستثمارات الأجنبية، ومنها صفقة رأس الحكمة البالغة 32 مليار دولار. كما شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفاعًا ملحوظًا، حيث سجلت نحو 36 مليار دولار، مما ساعد على تعزيز موارد النقد الأجنبي ودعم استقرار سعر الصرف عند حدود 50 جنيهًا للدولار.
تقلبات جديدة
رغم هذه الإجراءات، حذر "عبد الهادي" من أن استقرار سعر الصرف قد يكون مؤقتًا إذا لم تستمر الدولة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية. وأضاف أنه في ظل المتغيرات الخارجية الجديدة، مثل فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على بعض الدول، فإن الأسعار العالمية للسلع قد ترتفع بشكل أكبر، مما يزيد من الضغط على الجنيه المصري ويفاقم العجز في الموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى ضرورة أن تستمر الحكومة في دعم الصناعة المحلية وتحفيز الاستثمار عن طريق خفض أسعار الفائدة وتنفيذ مبادرات تنموية قوية. وأكد أن غياب هذه الإصلاحات قد يؤدي إلى جولة جديدة من تقلبات سعر الصرف، ما يعيد الاقتصاد المصري إلى المربع الأول.