عاجل

الإفتاء توضح.. هل يجوز أن يؤم الصبي صبيًا مثله في الفرض والنافلة؟

إمامة الصبي في الصلاة
إمامة الصبي في الصلاة

في ظل سعي العديد من الأسر المسلمة لغرس روح الصلاة في نفوس أبنائهم منذ الصغر، يبرز تساؤل متكرر حول جواز إمامة الصبي في الصلوات، خاصة إذا كان الإمام والمأموم من الأطفال الذين لم يبلغوا الحُلم بعد وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية  أن إمامة الصبيّ لصبي مثله في الصلاة صحيحة شرعًا سواء في الفريضة أو النافلة خاصةً إذا تضمنت تشجيع الصغار مِن الأولاد على الاستعداد لها، والترغيب في الوصول لمنزلتها، وقصدًا لتحصيل ثواب الجماعة والتدريب على ذلك، مع مراعاة أن يُصاحب ذلك بتعليمه الصلاةَ وأحكامها، والتزام أركانها وشروط صحتها.

حث الشرع الآباء والأمهات على حسن تربية الأولاد


حثَّ الشرع الشريف الآباء والأمهات على حسن تربية الأولاد، وتَنْشِئَتِهِم تنشئةً قائمةً على الأخلاق الفاضلة، وعلى أداء العبادات وفعل الخيرات، وتعليمهم أمور دينهم وتدريبهم عليها، وغَرْس أمور الدين في نفوسهم لتصير جزءًا من حياتهم؛ فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ، أَوْ أَحَدُكُمْ وَلَدَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ كُلَّ يَوْمٍ بِنِصْفِ صَاعٍ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والحاكم في "المستدرك".

ومِن أهم هذه الأمور التي أمر الشرع الشريف الوالدين بتعليمها للأبناء: الصلاة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا عَرَفَ الْغُلَامُ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ , فَمُرُوهُ بِالصَّلَاةِ» رواه ابن وهب في "جامعه"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وأبو داود والبيهقي في "السنن"، وابن قانع في "معجم الصحابة"، والطبراني في "المعجم الصغير".

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".

قال الإمام الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" : [«مُرُوا أَوْلَادَكمْ» وجوبًا «بِالصَّلَاةِ» المفروضة «وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ»؛ لأنها سنٌّ يُدرِك فيها الصبيّ فيتمرّن على الطاعة، «وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا» على تركها، أو على فعلها إذا امتنعوا منه «وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ»؛ لأنها سِنٌّ إنْ تَركها فيها ثَقُلَ عليه فِعلُها مِن بَعدها، فضربه لأنه يتسبب إلى ترك ما يجب عليه، والأمر للأولياء.. قال الطيبي: جَمَعَ بين الأمر بالصلاة والتفريق بينهم في المضاجع في الطفولية؛ تأديبًا، ومحافظةً لأمر الله تعالى كله، وتعليمًا لهم] اهـ.

إمامة الصبي في الصلاة
إمامة الصبي في الصلاة

بعض من وسائل ترغيب الصغار على أداء الصلاة وتشجيعهم عليها


من وسائل ترغيب الصغار في أداء الصلاة وتشجيعهم على الالتزام بها: تعليمهم أمرَ الإمامة في الصلاة وشروطَها، لا سيما إذا كانوا ممَّن يهتمّون بحفظ القرآن الكريم، ومن أجل هذا المعنى استحسن بعض الصحابة تقديم الصبيان لإمامتهم في الصلاة، خاصة في النوافل؛ كقيام شهر رمضان وغيره.

فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ لِيَقُومُوا بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَنَعْمَلُ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ والخِشْكِنَانْج» رواه البيهقي في "السنن الكبرى" و"فضائل الأوقات". والقَلِيَّة: هي ما يُقلَى مِن الطعام. والخِشْكِنَانْج: خُبزٌ يُعمَل مِن دقيق القمح ويُعجَن بزيت السمسم.

وعن عمرو بن سلمة رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ أَبِي: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُڪُمْ، وَلْيَؤُمَّڪُمْ أَڪْثَرُڪُمْ قُرْآنًا»، قَالَ: فَنَظَرُوا، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ" رواه البخاري في "صحيحه".

وفي روايةٍ قال: «فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ وَأُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا» رواه الإمام أحمد والطيالسي في "المسند"، وأبو داود والبيهقي في "السنن".

وعَنِ الْحَسَنِ البصري رضي الله عنه أنه قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ» رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه".

حكم إمامة الصبي لصبي مثله في صلاة  الفرض والنافلة


نصَّ جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على صحة إمامة الصبي لمثله في الصلوات المكتوبة والنوافل.

قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "منحة السلوك" (ص: 168، ط. أوقاف قطر): [(ويصح اقتداء الصبي بالصبي)؛ لأنهما متنفلان، فيصح اقتداء المتنفل بالمتنفل] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار": [وأما غير البالغ؛ فإن كان ذكرًا: تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ من ذكرٍ وأنثى وخنثى، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالذَّكَرِ مطلقًا فقط.. هذا ما ظهر لي أخذًا من القواعد] اهـ.

وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل": [(ص) وصبي بمثله. (ش) أي: ويجوز للصبي أن يَؤُمَّ أمثاله مِن الصبيان] اهـ.

وقال الإمام الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" : [وأما إمامته -أي: الصبي- لِمِثْلِهِ: فجائزةٌ ولو في فرض] اهـ.

وقال العلامة ابن الرفعة الشافعي في "كفاية النبيه" (: [إمامة الصبي جائزة في الصلوات، وذلك ممَّا لا خلاف فيه عندنا، إلا في الجمعة] اهـ. فأفاد صحة إمامة الصبي لمثله من الصبيان مِن باب أَوْلَى.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" : [الصبي: تصحُّ إمامته بمثله؛ لأنه بمنزلته] اهـ.

وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" : [(و) تصحّ إمامة صبيّ (في فرض بمثله) أي: صبي؛ لأنَّها نفل في حق كل منهما] اهـ.

تم نسخ الرابط