“قيراطان من الأجر وجبل من الرحمة”.. لماذا حرص النبي على اتباع الجنازة؟

في مشهد يتكرر كل يوم في أحياء المسلمين، تتحرك الجنائز في صمت مهيب، تتبعها جموع المؤمنين، لا لوداع فقط، بل لأداء عبادة عظيمة لا يدرك الكثيرون ثوابها الكامل. فقد أولى الإسلام اهتمامًا كبيرًا لاتباع الجنائز، واعتبرها أحد الأعمال الجليلة التي تجلب الرحمة وتُكفّر الذنوب، لما فيها من تعبير عن الإيمان والتراحم الاجتماعي
فضل اتباع الجنائز في الأحاديث النبوية
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تبع جنازة حتى يُصلى عليها، فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن، فله قيراطان، قيراط من أجر، وقيراط من رحمة الله” (رواه البخاري ومسلم). القيراط هنا يشير إلى أجر عظيم، وقد فسر العلماء القيراط بأنه مثل جبل أحد في الأجر. وهذا الحديث يظهر بوضوح أن المسلم الذي يرافق الجنازة حتى دفنها يحصل على أجر مضاعف مقارنة بمن يرافقها فقط حتى الصلاة عليها.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه قال: “من شهد الجنازة حتى تُصلى عليها ثم رجع فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان” (رواه البخاري). وبالتالي، فإن الاهتمام باتباع الجنازة ليس مجرد شعيرة، بل هو وسيلة لحصد ثواب عظيم في الآخرة.

آداب اتباع الجنائز في الإسلام
تجدر الإشارة إلى أن اتباع الجنازة ليس فقط للمسلمين الذين يحملون إيمانًا قويًا، بل هو أيضًا فرصة لتعزيز الأخوة بين المسلمين وإظهار التضامن مع أهل الميت. وقد حدد الفقهاء العديد من الآداب التي يجب مراعاتها أثناء اتباع الجنازة:
1. الاعتدال في المرافقة: من السنة أن يمشي المسلم وراء الجنازة بشكل معتدل دون الإسراع أو التباطؤ.
2. التزام الصمت: من الآداب أن يكون المرافقون للجنازة صامتين معظم الوقت مع الدعاء للميت بالرحمة والمغفرة.
3. الدعاء للميت: من المستحب أن يدعو المسلم للميت بالرحمة والمغفرة، ويسأل الله أن يتقبل عمله الصالح ويغفر له.
الرحمة والتضامن في الإسلام
إن اتباع الجنازة في الإسلام يتجاوز مجرد مراسيم الصلاة على الميت. فهو يساهم في تكريس قيم التضامن الاجتماعي والرحمة، ويظهر المعاني الإنسانية العميقة التي يعززها الدين. فالإنسان في هذه اللحظة يشعر بعمق الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أن الموت حق على كل كائن حي، ويعزز ذلك من روح التراحم بين المسلمين.
كما يساهم في إشاعة جو من الوحدة والاحترام في المجتمع، فالتواجد مع أهل الميت يعزز من الروابط الاجتماعية ويجعل المسلم يدرك أهمية الحياة والآخرة. ولذلك، فإن كل مسلم يرافق الجنازة يحمل معه رسالة طمأنينة لأهل الميت وتقديرًا لحقه على المؤمنين