ترامب يدعم المادة 5 للناتو..تحول مفاجئ في سياسة واشنطن تجاه الحلف

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه للمادة 5 من معاهدة الأطلسي، التي تفرض مبدأ التضامن بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حال تعرض أحد أعضائه لاعتداء مسلح.
وكان ترامب، الذي انتقد الحلف بشدة منذ بداية ولايته الأولى في 2016، قد أشار مرارًا إلى أن الولايات المتحدة تتحمل جزءًا كبيرًا من نفقات الحلف العسكري ويجب على الدول الأوروبية أن تساهم بشكل أكبر ماليًا.
دعم مفاجئ للمادة 5
أكد ترامب، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة تدفع جزءًا غير متناسب من تمويل حلف شمال الأطلسي، وهو ما يتماشى مع تصريحاته السابقة التي كانت تنتقد دول الحلف الأوروبيين، ولكن المفاجأة كانت عندما عبر الرئيس الأمريكي عن دعمه للمادة 5 من معاهدة الأطلسي، وهو دعم يتناقض مع مواقفه السابقة، حيث رفض خلال ولايته الأولى التأكيد الصريح على التزام واشنطن بتلك المادة.
محتوى المادة 5 من معاهدة الأطلسي
تعود معاهدة الأطلسي إلى عام 1949، وكان الهدف الرئيسي منها إنشاء حلف دفاعي مشترك لمواجهة تهديدات الاتحاد السوفيتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وتشكل المادة 5 جزءًا أساسيًا من المعاهدة، حيث تنص على أنه إذا تعرض أي عضو في الناتو لاعتداء مسلح، يعتبر هذا الهجوم بمثابة هجوم على جميع أعضاء الحلف، ويتعين على كل عضو في الحلف اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدة الدولة المعتدى عليها.
آلية تفعيل المادة 5
و لتفعيل المادة 5 من معاهدة الأطلسي، يجب أولًا أن توافق الدولة المعتدى عليها على استدعاء المادة، بعد ذلك، يجب على مجلس الأطلسي الشمالي الموافقة بالإجماع على تفعيلها، ويتم أيضًا إجراء فحوصات وتأكيدات للحقائق لدعم القرار، حتى وإن لم يتم تحديد هذه الإجراءات في المعاهدة بشكل دقيق.
وتتيح هذه الآلية للحلف الرد بشكل مناسب وملائم بناءً على طبيعة الحادث، من الحوادث البسيطة إلى الحروب الشاملة.
الحدود والتفاصيل المتعلقة بالمادة 5
ولا تقتصر المساعدة التي يقدمها الحلف على الأبعاد العسكرية فقط، بل يمكن أن تشمل أي نوع من المساعدة التي يراها الأعضاء ضرورية، وهذا يعتمد على الموارد المتاحة لكل دولة، وعلى كل عضو في الحلف أن يقرر كيف يمكنه المساهمة بما يراه مناسبًا للحفاظ على الأمن في منطقة الأطلسي.
عند صياغة المادة 5 في نهاية الأربعينيات، كان هناك توافق حول مبدأ المساعدة المتبادلة، لكن الدول الأوروبية كانت ترغب في ضمان أن تقدم الولايات المتحدة مساعدتها تلقائيًا إذا تعرض أي من الأعضاء للهجوم، في المقابل، كانت واشنطن حريصة على ألا تكون ملزمة بمساعدة تلقائية، وتم صياغة المادة بشكل يضمن عدم وجود التزام تلقائي.
هل تم تفعيل المادة 5 من قبل؟
تم تفعيل المادة 5 من معاهدة الأطلسي مرة واحدة فقط، وذلك في 12 سبتمبر 2001، بعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت الأراضي الأمريكية، حيث تم اعتبار الهجمات التي تعرضت لها أمريكا بمثابة "هجوم مسلح" من الخارج ضد عضو في الحلف، مما دفع الناتو إلى اتخاذ إجراءات فورية لدعم الولايات المتحدة، وفي 4 أكتوبر 2001، وافق الناتو على مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك عمليتين لمكافحة الإرهاب بين أكتوبر ومايو 2001.
وتعكس المواقف المتغيرة للرؤساء الأمريكيين تجاه حلف الناتو، التحديات المعقدة التي يواجهها هذا التحالف الدولي في مواجهة الأزمات العالمية، ويعد الدعم المفاجئ للمادة 5 من معاهدة الأطلسي من قبل ترامب، ربما بداية تحول في فهم أهمية التضامن بين الدول الأعضاء في أوقات الأزمات.