في وجه ضغوط ترامب.. ماكرون يرد على ترامب بصفقة استراتيجية في فيتنام

وقعت فرنسا وفيتنام اليوم الاثنين صفقة لشراء 20 طائرة إيرباص، من بين اتفاقيات أخرى، بالتزامن مع زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لهانوي سعياً لتعزيز نفوذ فرنسا في مستعمرتها السابقة، في ظل تهديدات بفرض رسوم جمركية أمريكية مُرهِقة.
أول زيارة منذ ما يقرب من عقد
وتأتي أول زيارة رسمية لماكرون إلى فيتنام، وهي الأولى لرئيس فرنسي منذ ما يقرب من عقد، في أعقاب تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على سلع الاتحاد الأوروبي اعتباراً من يونيو، مما أجج التوترات مع الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة.
مخاوف أوروبية
وأفادت وكالة فرانس برس أن فيتنام، التي تعتمد على التصدير وتتعرض لضغوط من واشنطن لشراء المزيد من السلع الأمريكية، تعهدت في محادثات تجارية بتجنب فرض رسوم جمركية بنسبة 46% قد تُعيق نموها، مما يُثير مخاوف أوروبية بشأن الصفقات على حساب المنطقة.
اتفاقيات متعددة المجالات: من الطائرات إلى الطاقة واللقاحات
وشملت الصفقات التي وُقّعت خلال زيارة ماكرون شراء الطائرة، والتعاون في مجال الطاقة النووية، والسكك الحديدية، وأقمار إيرباص لرصد الأرض، ولقاحات سانوفي، وذلك وفقًا لقائمة وثائق اطلعت عليها رويترز، مؤكدةً تقريرًا سابقًا.
دعم فرنسا لحرية الملاحة
وفي تصريحات صحفية، لم يُسمح فيها بطرح الأسئلة، جدد ماكرون دعم فرنسا لحرية الملاحة، وهي قضية عزيزة على فيتنام نظرًا لكثرة خلافاتها مع بكين بشأن الحدود المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.
وأضاف ماكرون أن الشراكة مع فيتنام "تستلزم تعزيز التعاون الدفاعي"، مشيرًا إلى توقيع مشاريع متعددة في مجالي الدفاع والفضاء.
وقال الرئيس الفيتنامي لونغ كونغ إن الشراكة الدفاعية تتضمن "تبادل المعلومات حول المسائل الاستراتيجية" وتوطيد التعاون في صناعة الدفاع والأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب.
حكمت فرنسا الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا لنحو 70 عامًا حتى أُجبرت على الانسحاب عام 1954 بعد هزيمة نكراء في معركة ديان بيان فو شمال فيتنام. وقد تحسنت العلاقات في العقود الأخيرة، حيث رُقّيت العام الماضي إلى أعلى مستوى لها في فيتنام.
في رحلته، المحطة الأولى من جولة في جنوب شرق آسيا تشمل إندونيسيا وسنغافورة، سيزور ماكرون جامعة في هانوي يوم الثلاثاء، قبل أن يتوجه إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا.
صفقة إيرباص
وتأتي الصفقة مع شركة صناعة الطائرات الأوروبية إيرباص، التي ستشتري منها شركة الطيران منخفضة التكلفة فييت جيت الفيتنامية 20 طائرة من طراز A330neo عريضة البدن، في أعقاب اتفاقية العام الماضي لشراء 20 طائرة من هذا الطراز.
وصرح مسؤولان في فيتنام مطلعان على المناقشات لوكالة رويترز بأن التوقيع جاء عقب حثّ مسؤولين أوروبيين في الأسابيع الأخيرة فيتنام على توخي الحذر في التنازلات التي قدمتها للبيت الأبيض، في إشارة إلى المخاوف بشأن إيرباص.
وتُعدّ إيرباص المورد الرئيسي للطائرات إلى فيتنام، حيث تُساهم بنسبة 86% من أسطولها، وفقًا لبيانات شركة تحليلات الطيران سيريوم. كما تم توقيع اتفاقية منفصلة مع إيرباص للدفاع خلال الزيارة للتعاون مع فيتنام في مجال أقمار رصد الأرض.
محادثاتٍ طويلة مع هانوي
وتُجري شركة إيرباص محادثاتٍ طويلة مع هانوي لاستبدال قمر فيتنام الصناعي لرصد الأرض، الذي بنته شركة EADS، سلف إيرباص، وأُطلق عام 2013.
وبسبب اعتماد اقتصادها بشكل كبير على الصادرات الأمريكية، أشارت فيتنام إلى إمكانية شراء ما لا يقل عن 250 طائرة بوينج من قِبل شركة الطيران الوطنية "فيتنام إيرلاينز" ومنافستها "فيت جيت".
وقال مسؤولون من كلا البلدين إن مثل هذه الصفقات ستساعد في خفض فائضها التجاري الضخم مع الولايات المتحدة، وربما تُرضي ترامب.
وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي إنه في المحادثات مع الولايات المتحدة، "ينبغي على فيتنام التأكد من عدم اتخاذ قرارات على حساب المصالح الأوروبية".
وأضافوا أن القادة الفيتناميين نُصحوا بأن مثل هذه الخطوات قد تُهدد العلاقات الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي، الذي لديه اتفاقية تجارة حرة مع فيتنام، ويُعدّ مشتريًا رئيسيًا لسلعها.