هل الميت يعذب ببكاء الحي عليه؟.. أستاذ فقه تحذر من خطأ شائع

قالت الدكتورة زينب أبو الفضل أستاذ الفقه بكلية الآداب جامعة طنطا: لا تنكر على من يبكي فقيدًا عزيزا لديه، تعللا بحديث "الميت يعذب ببكاء الحي عليه "، وبصرف النظر عن التأويلات العديدة التي ساقها الشراح في فهم هذا الحديث كابن حجر العسقلاني وغيره، فياليتنا لا نحجر على الناس مشاعرهم الإنسانية الطبيعية حال حزنهم، ومحاولتهم اجتياز أشق المواقف أثرا على نفوسهم بالتنفيس عنها بالبكاء، الذي ثبت أهميته في التخفيف عن المحزونين والمكلومين، كما ثبت علميًا مالكتمه وكبته من آثار نفسية مدمرة.
هل الميت يعذب ببكاء الحي عليه؟
وأوضحت “أبو الفضل” عبر صفحتها على فيسبوك، أن المحظور فقط هو لطم الخدود وشق الجيوب والندب بكلام يشبه كلام الجاهلية، كما جاء في الحديث الشريف " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ".
وقد ثبت في الصحاح مواقف عديدة بكى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أحبابه ، منها بكاؤه صلى الله عليه وسلم حفيدته أمامة بنت زينب ابنته رضي الله عنها، وحينما سئل عن بكائه هذا قال "هذه رحمة جعلها الله في قلب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء "
كما بكى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الشهداء ، وبكى عمه حمزة رضي الله عنهم أجمعين .
وأكدت الدكتورة زينب أبو الفضل أستاذ الفقه بكلية الآداب جامعة طنطا حتى إنه صلى الله عليه وسلم حينما وجد شهداء أحد وحولهم أهلوهم يبكونهم، ولا أحد يبكي عمه حمزة رضي الله عنه ، حزن في نفسه وقال متأسفا " أما حمزة فلا بواكي له " فطفق نساء الانصار يبكين حمزة تطييبا لخاطره صلى الله عليه وسلم، وتجاوبا مع مشاعره الإنسانية المكلومة، وتخفيفا للوعته وأنات قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم .

مشاركة الأحزان كمشاركة الأفراح
وأردفت: «مشاركة الإنسان حزنه كمشاركته فرحه بل أشد ،ولذا شرع العزاء ثلاثا لكونها فترة كافية لمساندة أهل الميت، وإعانته على حزنه وتخفيف لوعة الفراق وألمها على قلبه».
ومن الناحية الحديثية: فهذه الرواية " الميت يعذب ببكاء الحي عليه " لما بلغت أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها، أنكرتها، مع أنها من رواية عمر وابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، ومع ذلك فقد ردتها قائلة : إنكم لتحدثوني عن غير كذابين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطيء… ثم قالت " أين أنتم من قول الله " ولاتزر وازرة وزر أخرى" لترسي بذلك رضي الله عنها قاعدة مهمة في نقد المرويات، ترتكز على نقد المعنى، وإن بلغ النقلة والرواة الغاية في الصدق، وذلك برد الرواية التي من الممكن أن تتعرض لخطأ السمع أو النقل ، إلى كتاب الله المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه .
وشددت الدكتورة زينب أبو الفضل أستاذ الفقه بكلية الآداب جامعة طنطا: كان لهذا أثره في أن ينشط الأصوليون في سبيل إرساء مناهجهم النقدية الضابطة، في النقد الداخلي للنص الآحادي أو نقد متن الحديث برده إلى الأقوى من نص قرآني أو سنة متواترة، أو قاعدة من القواعد المحكمة، أو مقصد من مقاصد الشريعة العليا المعروفة. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه "