عاجل

أمير الظلام.. علي محمد: بصير السويس الذي يعزف بالحلم وينتصر بالإرادة

علي محمد علي
علي محمد علي

في أحد أحياء محافظة السويس، وتحديدًا داخل منزل تغمره المحبة والإيمان، يعيش فتى استثنائي يُلقّب بـ"أمير الظلام"، لكنه في الحقيقة أمير للنور والبصيرة.
 

الشاب علي محمد، طالب في المرحلة الإعدادية، وواحد من أبناء السويس الذين كتبوا بأفعالهم سطورًا مضيئة في دفتر الحياة، رغم أن القدر حرمه من نعمة البصر.

منذ ولادته، اكتشف والداه أن علي كفيف، لكن ذلك لم يكن سببًا ليأس أو انكسار، بل كان بداية لمسيرة كفاح اختاروا أن تكون مليئة بالأمل، مؤمنين أن الله إذا أخذ نعمة، منح أخرى أعظم. وهكذا بدأت الرحلة.

علي ليس كغيره من أقرانه، فهو يستيقظ كل صباح مبكرًا، يتوضأ ويصلي، ثم يخرج ليسقي الزرع الذي يعتني به في الحديقة الصغيرة، في طقس يومي يعكس حبّه للحياة واتصاله بها. بعد ذلك، يبدأ يومه الدراسي بمساعدة والدته التي تعلمت معه طريقة "برايل" لتشاركه رحلته التعليمية، أو يذاكر بمفرده بإصرار يثير الإعجاب.

ورغم التحديات، لم تكن الدراسة هي ميدانه الوحيد. بل أصبح علي عازفًا محترفًا على آلة الدرامز، تلك الآلة التي تحتاج إلى دقة سمع عالية، وقد منحه الله أذنًا موسيقية نادرة، فصار يعزف الألحان كأنها تنساب من قلبه لا من أنامله. يجلس إلى جواره والده دائمًا، يشجّعه ويدعمه، ليُشعِره أن النجاح لا يُقاس بالبصر بل بالبصيرة.

لم يكتفِ علي بالموسيقى، بل اقتحم عالم الرياضة بقوة، ليصبح بطلًا في لعبة الكاراتيه، متحديًا كل من اعتقد أن الإعاقة حاجز لا يُكسر، وقف على البساط بين زملائه، وتلقى التدريب بكل شغف، وأثبت أن الفنون القتالية لا تعتمد فقط على النظر، بل على الإحساس والتركيز والإرادة.

وراء هذا الفتى الرائع، تقف أم عظيمة وأب لا يقل عظمة، لم يتركا له مجالًا للشعور بالنقص، بل آمنوا به ووقفوا خلفه في كل خطوة. فالأم تسانده في دراسته، والأب يحمله إلى حلمه يوميًا، والمجتمع من حولهم بدأ يدرك أن علي ليس مجرد طفل كفيف، بل قصة كفاح تستحق أن تُروى.

علي محمد ليس فقط بطلًا في الدرامز والكاراتيه، بل هو درس مفتوح في الأمل والإرادة والعطاء، نموذج يلهمنا أن نعيد النظر في مفاهيم القوة والضعف، وأن ندرك أن النور الحقيقي لا يأتي من العينين، بل من القلب والعقل والنية الصافية.

في السويس، مدينة البطولة، يسطع نجم جديد، لا يلمع في السماء بل بيننا على الأرض، يُدعى علي محمد.. أمير الظلام، ونور القلوب.

تم نسخ الرابط