«قطر والجزائر والسعودية».. مصر تُجري محادثات لشراء 60 شحنة غاز مُسال

كشفت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن مصر دخلت في مفاوضات مع عدد من شركات الطاقة والتجارة الدولية من أجل شراء ما بين 40 إلى 60 شحنة من الغاز الطبيعي المُسال خلال العام الحالي، في محاولة للتعامل مع أزمة الطاقة المتصاعدة مع اقتراب موسم الصيف الذي يشهد ذروة الطلب.
وتُشير التقديرات إلى أن مصر قد تضطر لإنفاق ما يصل إلى 3 مليارات دولار بأسعار السوق الحالية لتأمين هذه الكميات من الغاز، وهو ما يُضيف عبئًا ماليًا كبيرًا على الخزانة العامة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية مثل انخفاض إنتاج الغاز المحلي وتفاقم أزمة غلاء المعيشة.
وفي هذا السياق، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة باتخاذ جميع الإجراءات الاستباقية لضمان استمرارية واستقرار تدفق الكهرباء، بحسب بيان رسمي صادر عن الرئاسة.
مصر تُجري محادثات لشراء نحو 60 شحنة غاز مُسال
وقال مصدر مطلع في قطاع الطاقة لرويترز إن الحكومة "تجري حاليًا محادثات لاستيراد ما لا يقل عن 40 شحنة من الغاز الطبيعي المُسال، بالإضافة إلى نحو مليون طن من زيت الوقود". وأضاف أن الغاز يُعد الخيار الأول نظرًا لمرونة ترتيبات الدفع المرتبطة به مقارنة بزيت الوقود، إلا أن الخيار الثاني لا يزال قيد الدراسة في حال لم تكن أسعار الغاز مناسبة.

وفي السنوات الأخيرة، عانت مصر من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي بسبب عدم كفاية إمدادات الغاز لتلبية الطلب المحلي، وسجل إنتاج الغاز في البلاد في فبراير الماضي أدنى مستوى له منذ تسع سنوات.
وعادت مصر العام الماضي إلى كونها مستوردًا صافيًا للغاز الطبيعي بعد أن اضطرت لشراء عشرات الشحنات من الأسواق العالمية، ما شكل تراجعًا عن طموحاتها في أن تصبح مُصدرًا رئيسيًا للغاز إلى أوروبا، مع استمرار انخفاض إنتاجها المحلي.
وساهمت أزمة نقص العملة الصعبة في تأخير سداد المستحقات المالية المستحقة لشركات النفط العالمية، وهو ما انعكس سلبًا على نشاط الاستكشاف وأدى إلى تباطؤ كبير في معدلات إنتاج النفط والغاز.
مصر تحتاج إلى 60 شحنة من الغاز الطبيعي المُسال
وذكر مصدر تجاري ثانٍ أن مصر قد تحتاج إلى ما يصل إلى 60 شحنة من الغاز الطبيعي المُسال لتلبية احتياجاتها لعام 2025، مشيرًا إلى أنه على المدى الطويل، قد يرتفع هذا الرقم ليصل إلى 150 شحنة سنويًا.
وأفادت المصادر أن مصر تُجري حاليًا مفاوضات مع كل من قطر، والجزائر، وشركة أرامكو السعودية، إلى جانب شركات تجارية عالمية كبرى لتأمين هذه الإمدادات. ولم يصدر أي تعليق فوري من وزارة البترول المصرية، أو شركة قطر للطاقة، أو أرامكو السعودية، أو وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية بشأن هذه المحادثات، رغم طلبات رويترز المتكررة للتعليق.
وبحسب بيانات من شركة "ستاندرد آند بورز جلوبال كوموديتي إنسايتس"، فقد اشترت مصر بالفعل نحو 1.84 مليون طن من الغاز الطبيعي المُسال خلال هذا العام، وهو ما يُمثل حوالي 75% من إجمالي وارداتها المتوقعة لعام 2024.
الغاز الإسرائيلي: عامل ضغط إضافي
من جهة أخرى، ساهمت أعمال الصيانة الدورية في حقل ليفياثان البحري الإسرائيلي في انخفاض كميات الغاز المصدرة إلى مصر، وهو ما أدى إلى تقليص أو توقف إمدادات الغاز للعديد من مصانع الأسمدة في البلاد لمدة لا تقل عن 15 يومًا.
وقال أحد رؤساء مصانع الأسمدة في تصريح لرويترز، شريطة عدم الكشف عن هويته: "توقف مصنعي بالكامل منذ يوم السبت. وتعمل مصانع أخرى بطاقة تشغيل جزئية". ومن شأن هذا الانقطاع أن يُؤثر سلبًا على صادرات الأسمدة، التي تُعد من مصادر العملة الأجنبية المهمة لمصر.
وتُعتمد مصر بشكل كبير على الغاز الإسرائيلي المستورد، حيث يُمثل ما بين 40% و60% من إجمالي وارداتها من الغاز، وما بين 15% و20% من إجمالي استهلاكها، بحسب بيانات مبادرة البيانات المشتركة (JODI). لكن مصر قد تواجه زيادة في تكاليف هذه الواردات، إذ أشار مصدران آخران في القطاع إلى أن إسرائيل تسعى لرفع أسعار صادراتها من الغاز بنحو 25%.

وتُربط أسعار الغاز الإسرائيلي بأسعار النفط، التي شهدت انخفاضًا مؤخرًا، بينما تُحدد أسعار الغاز الطبيعي المُسال وفق مؤشرات مرجعية أخرى مثل مؤشر اليابان وكوريا (JKM)، ومركز TTF الأوروبي للغاز، ومركز هنري الأمريكي.
وقال أحد المصدرين: "إسرائيل تطالب بأسعار أعلى، لأنها ترى أن الأسعار الحالية منخفضة للغاية – حوالي 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وفق أسعار خام برنت – في حين أن سعر الغاز الطبيعي المُسال يقترب من 14 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وكانت إسرائيل راضية عندما كانت الأسعار في حدود 7.50 دولار".
وأوضحت متحدثة باسم وزارة الطاقة الإسرائيلية لرويترز أن "أسعار الغاز تُحدد من خلال مفاوضات تجارية بين الشركات المعنية"، مؤكدة أن الحكومة الإسرائيلية ليست طرفًا مباشرًا في هذه المفاوضات، إذ تُعتبر "مسألة تجارية بحتة".
ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من وزارة البترول المصرية بشأن تطورات هذه المفاوضات.