عاجل.. "حكم تاريخي من الدستورية العليا بشأن الإيجار القديم " بشرى للملاك"

حددت المحكمة الدستورية العليا نطاق الدعوى الدستورية في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية بالمادتين (1، 2) من القانون 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر كونهما يشكلان الأساس القانوني لتقدير الأجرة فضلا عن أن مؤداهما ثبات القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الخاضعة للقانون المشار إليه، واستبعدت المحكمة الدستورية المادة (5) من نطاقها لسبق حسم مسألة دستوريتها بموجب حكمها السابق في الدعوى رقم 89 لسنة 18 قضائية دستورية حيث رفضت الطعن على هذه المادة.
الإيجار القديم
استعرضت المحكمة الدستورية العليا مبادئ الدستور الحالي من حماية الملكية وتحقيق العدل والمساواة بين جميع المواطنين وإعلاء مقتضيات التضامن الاجتماعي ، حيث عرجت على المبررات التي صاحبت إصدار قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية لمواجهة أزمة الإسكان والحد منها وضرورات التضامن الاجتماعي التي أوجبت على المشرع التدخل بتنظيم هذه المسألة.
كما استظهرت المحكمة الدستورية انطواء جميع القوانين الاستثنائية للإيجار على خصيصتين رئيسيتين؛ أولاهما: الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن، والأخرى: التدخل التشريعي في تحديد أجرتها، وأوضحت أن كلتاهما لا تستعصي على التنظيم التشريعي، ولا يعد حكمها مطلقا من كل قيد، فالامتداد القانوني لعقود الإيجار المار ذكرها حدد نطاقا بفئات المستفيدين من حكمه دون سواهم، فلا يفيد منه غير المخاطبين به، أما تحديد أجرة هذه الأماكن (وهو موضوع النزاع المعروض) فلئن انتظمه النصان اللذان تحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة، وما يرتبط بهما من نصوص أخرى، فإن تحديد أجرة هذه المباني يتعين دوما أن يتساند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، فلا يمتنع المشرع عن التدخل، فيمكن المؤجر من فرض قيمة إيجارية سمتها الغلو والشطط، استغلالا لحاجة المستأجر في أن يأوي إلى مسكن يعتصم به وذووه، تلبية لحاجة توجبها الكرامة الإنسانية، أو يهدر عائد استثمار الأموال التي أنفقت في قيمة الأرض والمباني المقامة عليها بثبات أجرتها، بخسا لذلك العائد، فيحيله عدما، بل يكون بين الأمرين قواما.
وانتهت المحكمة إلى أن مقتضى النصين اللذين تحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة قد حظر زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 على 7% من قيمة الأرض والمباني، بما مؤداه ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمن ثباتا لا يزايله مضي عدة عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، كلما امتدت العلاقة الإيجارية بقوة القانون، ولا يؤثر فيه زيادة معدلات التضخم مهما بلغت نسبتها، ولا يزحزحه نقصان القوة الشرائية لقيمة الأجرة السنوية، وإن اضمحل عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم؛ الأمر الذي يشكل عدوانا واضحا على قيمة العدل، وإخلالا ظاهرا بمقتضيات التضامن الاجتماعي، وإهدارا أكيدا لحق الملكية الخاصة المتعين صونها، وافتئاتا غير مبرر على مبدأ خضوع الدولة للقانون، بما يوقع هذين النصين في حمأة مخالفة المواد (4 و8 و35 و94) من الدستور.
قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1و 2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكني اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.
وإعمالاً للرخصة المخولة للمحكمة بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 حدت اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخا لإعمال أثر هذا الحكم، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي في الدعوى المعروضة منه.