موسم الحصاد... احتفل به المصري القديم وقدم القرابين لمعبودته الخاصة

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، أمس الأربعاء، موسم الحصاد الخاص بمحصول القمح، وذلك في إطار اهتمام الدولة المصرية وسعيها ناحية الاكتفاء الذاتي من هذا المنتج الزراعي الرئيسي، والذي يعتبر عمود الخيمة في سلة الغذاء المصرية، وحجر الزاوية في البيت المصري، وهو ما يؤكده التاريخ حيث اعتنى المصري القديم أيما اعتناء بموسم الحصاد.
ومن ناحيته علق بسام الشماع المؤرخ المعروف على بدء موسم حصاد القمح قائلًا، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، إن المصري القديم اعتنى أشد العناية بهذا الموسم، حتى أنه خصص معبودة أسطورية لهذا الأمر، وهي المعبودة رِنِن-وِتِت، والتي ترمز للحبوب والعنب والتغذية والحصاد في الديانة المصرية القديمة.
ومن عناية المصري القديم بهذا الموسم، وتقديسه له، كان الناس يقدمون العديد من القرابين، لرِنِن-وِتِت خلال موسم الحصاد، والتي رمز لها بصورة على هيئة أفعى كوبرا كما صورها على هيئة سيدة برأس كوبرا، وكانت تُعرف بـ «المُرضعة» التي تعتني بالملك منذ ولادته وحتى وفاته.
سيدة المؤن
كما لُقّبت بـ «سيدة المؤن»، و«رِنِن-وِتِت سيدة القرابين»، و«رِنِن-وِتِت سيدة الطعام»، و«رِنِن-وِتِت الموقرة في مخزن الحبوب المزدوج»، و«التي تعتني بالجميع»، وكانت تُصوَّر حاملة عصا من ورق البردي، وجسَّدت خصوبة الحقول، سواء النبات أو التربة نفسها، وكانت حامية العرش الملكي والسلطة. كما كانت تجلب السعادة، وارتبطت بقوة بالحليب والرضاعة.
كان يتم تقديم القرابين لرِنِن-وِتِت في المعابد المصرية، ووُجدت صورها في المطابخ، بالقرب من الأفران، في مخازن الغلال، وفي الأقبية، وغالبًا ما كانت هذه الصور تُستخدم لطلب حمايتها لمخازن الطعام من الحشرات والفئران والثعابين، وليس فقط باعتبارها مانحة للغذاء.
وارتبطت رِنِن-وِتِت بنهر النيل، الذي كانت فيضاناته السنوية تودع الطمي الخصيب الذي مكّن من تحقيق محاصيل وفيرة. وقد كُرّس معبد مدينة ماضي لكل من سوبك ورِنِن-وِتِت في الفيوم، وكان يُعتقد أن زوجها هو جب، الذي يمثل الأرض، ثم وباعتبارها معبودة أفعى تُعبد في جميع أنحاء مصر السفلى، ارتبطت رِنِن-وِتِت بشكل متزايد بالإلهة واجيت، وهي أيضًا الحامية القوية لمصر السفلى، والتي كانت تُصوَّر أيضًا على هيئة كوبرا.
وفي النهاية، تم التعرف على رِنِن-وِتِت كنسخة بديلة من واجيت، التي قيل إن نظرتها تفتك بالأعداء، وكانت واجيت هي الكوبرا التي تظهر على تاج الملوك، كما تم الربط بين رِنِن-وِتِت والإلهة ميريتسيجر، وهي إلهة كوبرا أنثى لجبانة طيبة، وتم دمجها أيضًا مع الإلهة إيزيس.
شمو
كان يُعرف باسم «موسم الحصاد»، وخلاله، كان المصريون يحصدون الطعام الذي زرعوه، ويجمعون البذور للزراعة في العام التالي، ويخزنون الحبوب في صوامع ضخمة.
عرّفت عالمة المصريات والمؤرخة مارجريت بونسون الزراعة المصرية القديمة بأنها «علم وممارسة المصريين القدماء منذ ما قبل الأسرات، والذي مكنهم من تحويل أرض شبه قاحلة إلى حقول غنية بعد كل فيضان للنيل»، وكان يجب حرث الحقول وزراعة البذور ونقل المياه إلى مناطق مختلفة، واخترع المصريون القدماء المحراث الذي يُجر بالأبقار، واستخدموا الظلال وحفروا القنوات لتحسين الري، وكان المحراث يُصمم بقياسين: الثقيل والخفيف، حيث يحرث الثقيل الأرض ويشق الأخاديد، ويتبعه الخفيف لتقليب التربة، وكانوا يعتنون جيدًا بثيرانهم وأبقراهم.
وفي «الاعترافات السلبية» للانضمام إلى السماء، ورد في الاعترافين رقم 33 و34 أن روح المتوفى لم تعترض المياه في قناة تخص شخصًا آخر، ولم تقطع قناة أحدهم بطريقة غير قانونية.
ومنذ الدولة الوسطى (2040-1782 ق.م)، تم استخدام الهندسة الهيدروليكية لتصريف الأراضي وتحريك المياه بكفاءة عبر الأرض، وكانت المحاصيل الأساسية في مصر القديمة تشمل: القمح الإيمر (نوع من القمح)، الحمص والعدس، الخس، البصل، الثوم، السمسم، القمح، الشعير، ورق البردي، الكتان، نبات الخروع، وخلال عصر الدولة الحديثة (حوالي 1570-1069 ق.م) في طيبة.