واشنطن - إيران
عمان تعلن استضافة الجولة الخامسة من «محادثات واشنطن – إيران» في روما

أعلنت سلطنة عمان، مساء اليوم الأربعاء، أن الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني ستُعقد يوم الجمعة المقبل في العاصمة الإيطالية روما.
وجاءت الخطوة في إطار جهود إقليمية ودولية متواصلة تهدف إلى الحد من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية المشددة المفروضة على طهران.
عمان تعلن الجولة الخامسة من «محادثات واشنطن – إيران»
وقال بدر البوسعيدى، وزير الخارجية العُماني، إن هذه الجولة الجديدة من المحادثات تأتي في وقت يُسجل فيه البرنامج النووي الإيراني تقدمًا سريعًا يثير قلق المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن الحوار المرتقب في روما يهدف إلى بحث سبل التوصل إلى تفاهم شامل يعيد ضبط المسار الدبلوماسي، دون أن يوضح تفاصيل حول مستوى التمثيل في الاجتماع أو جدول الأعمال المحدد.
حتى الآن، لم تصدر عن طهران أو واشنطن أي تأكيد رسمي بشأن مشاركتهما في الاجتماع، ما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات التأجيل أو التغيير في اللحظة الأخيرة، خاصة في ظل التصريحات المتشددة التي صدرت عن الجانبين مؤخرًا.

تصريحات عباس عراقجي
وفي منشور له على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، جدد عباس عراقجي، المفاوض الإيراني البارز ونائب وزير الخارجية السابق، تمسك بلاده بمواصلة تخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أن هذا المطلب يُعد "خطًا أحمر" في المفاوضات مع الولايات المتحدة.
وقال عراقجي: "قلت ذلك مرارًا وأكرره الآن: تخصيب اليورانيوم سيستمر في إيران، سواء توصلنا إلى اتفاق أم لم نتوصل". وأشار عراقجي إلى أن إيران لم تحسم بعد قرار مشاركتها في الجولة الجديدة من المحادثات، موضحًا: "نحن بصدد دراسة توقيت وظروف المشاركة، ولم نتخل أبدًا عن الدبلوماسية.
وسنظل دائمًا حاضرين على طاولة التفاوض، لأن هدفنا هو الدفاع عن حقوق الشعب الإيراني". وأضاف: "نرفض المطالب المبالغ فيها والخطابات الاستفزازية التي تُطرح في المحادثات".
وتأتي تصريحات عراقجي بعد يوم واحد من تصريحات أدلى بها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، عبر فيها عن تشاؤمه بشأن احتمالات نجاح هذه المفاوضات. وقال خامنئي: "لا أعتقد أن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستُسفر عن نتائج. لا أعلم ما سيحدث، لكن لا أرى أفقًا واضحًا".
المحادثات النووية بين واشنطن - إيران
وتهدف المحادثات النووية، التي استؤنفت خلال الأشهر الأخيرة بوساطات متعددة الأطراف، إلى إعادة إيران إلى التزاماتها السابقة بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، والذي حد من مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67%، وفرض قيودًا على كمية اليورانيوم المسموح بها في حوزة طهران عند 300 كيلوجرام.
لكن منذ الانسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق في عام 2018 بقرار من الرئيس دونالد ترامب، بدأت إيران بتقليص التزاماتها تدريجيًا، وصولًا إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى يقترب تقنيًا من درجة 90% اللازمة لتصنيع سلاح نووي.
وما يزيد من تعقيد المشهد، أن ترامب، الذي يخوض مجددًا سباق الرئاسة، هدّد مرارًا بتوجيه ضربات جوية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل المفاوضات، في حين أصر مسؤولون أمريكيون، من بينهم المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الحالي ماركو روبيو، على ضرورة أن تتخلى طهران كليًا عن التخصيب، وهو ما لم تفعله حتى في ظل اتفاق 2015.

على الجانب الآخر، حذر مسؤولون إيرانيون بشكل متزايد من أنهم قد يضطرون إلى "إعادة النظر" في سياستهم النووية إذا استمرت الضغوط والعقوبات، مشيرين إلى أن لديهم الآن مخزونًا من اليورانيوم المُخصب بدرجة نقاء مرتفعة، ما قد يتيح لهم خيار السلاح النووي إن قرروا المضي في هذا الاتجاه.
كما يلوح في الأفق خطر تصعيد إقليمي، إذ أكدت إسرائيل في أكثر من مناسبة استعدادها لشن ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية بشكل منفرد إذا رأت أن البرنامج النووي الإيراني بات يشكل تهديدًا وجوديًا. وتأتي هذه التهديدات في سياق إقليمي متأزم أصلًا، خاصة في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة، والتي زادت من تعقيد العلاقات الإسرائيلية الإيرانية، وأشعلت حدة التوتر في عموم الشرق الأوسط.
وفي ظل هذه المعطيات، تترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية الدولية ما ستسفر عنه الجولة القادمة في روما، وسط غياب المؤشرات الإيجابية، وتشدد المواقف من كلا الطرفين، ما يجعل فرص تحقيق اختراق ملموس ضئيلة في الوقت الراهن.