عاجل

آثار سيناء المنسية... خبير: قلعة مفقودة في الشيخ زويد مكتشفة عام 1936م

قلعة الشيخ زويد
قلعة الشيخ زويد

قال الدكتور عبد الرحيم ريحان إن آثار سيناء لا تحظى بالاهتمام السياحي الذي من المفترض أن يكون، حيث لا يوجد سوى موقعين أثريين فقط في سيناء المفتوحين للزيارة، وهما جزيرة فرعون بطابا ومتحف شرم الشيخ، وهو ما لا يعطي آثار سيناء الاهتمام المطلوب. 

قلعة الشيخ زويد 

ومن ناحيته قال الدكتور السيد عبد العليم مدرس بقسم علوم الآثار والحفائر بكلية الآثار جامعة عين شمس والآثارى  بمنطقة آثار شمال سيناء كشف عن مفاجأة كبرى، وهي جود قلعة مفقودة بالشيخ زويد شمال سيناء نُشرت في حفائر الآثاري البريطاني فلندرز بتري عام 1936م، والدلائل تشير طبقًا للمسح الأثري في منطقة الشيخ زويد، إلى وجود  قلعة أو أكثر من قلاع الدولة الحديثة، تحت الرمال حيث كشفت حفائر فلندرز بتري عام 1936وهي الحفائر المنسية عن  القلعة المفقودة، ويتطابق الموقع على الأرجح مع ما أطلق عليه شوماخر “خرائب التل”، وقد ظهر الموقع في المسح الأثري الإسرائيلي لاحقًا أثناء احتلال سيناء وأطلق عليه (R 51). 

فلندرز بتري 

وعلق الدكتور عبد الرحيم ريحان أن الآثارى فلندرز بترى قام خلال الفترات من 11 أبريل إلى 13 مايو 1935 ومرة أخرى من 4 ديسمبر 1935 إلى 30 مارس 1936 وأخيرًا من 23 نوفمبر إلى 29 ديسمبر 1936 بأعمال حفائر في الشيخ زويد وتمكن من تحديد ثلاثة عشر طبقة أثرية لمباني وأرضيات وقام بإعطائها حروفًا لاتينية من (A – N)، والتي يرجع تاريخها إلى الفترة من عام 1350 قبل الميلاد إلى العصر الروماني المبكر ويرجع تاريخ أقدم طبقة إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد أى عصر الدولة الحديثة كما تم العثور على جعران من فترة حكم الهكسوس ولذلك ربما كان الموقع أقدم من طبقة عصر الدولة الحديثة. 

ووفقًا لبتري فقد تم تدمير طبقة عصر الدولة الحديثة بالنيران ولكن بعد مرور بعض الوقت من عام 1275 قبل الميلاد تم إعادة استيطان الموقع مرة أخرى وفي الطبقة (N) تم اكتشاف الجانب الشمالي الشرقي لقلعة من الطوب اللبن، وقام بتري بوصف مختصر لأهم الطبقات الأثرية التي كشف عنها أعمال التنقيب العلمي. 

وقام بتري بتأريخ الطبقة (C) من 184-64 قبل الميلاد واشتملت هذه الطبقة على بقايا جدران بسمك 5 أقدام في الجنوب الغربي من التل الأثري، وربما يمثل ذلك بقايا برج والذي كان ارتفاعه وقت أعمال الحفائر بنحو 7 أقدام، وبالرغم من أنه لاحظ أن خصائص البقايا المعمارية تتفق والمعايير المصرية القديمة بالإضافة إلى العثور في هذه الطبقة على العديد من المواد الأثرية ذات الطابع المصري الخالص فإنه يرى أن المكان كان يعمل به بالكامل مصريين.  

جدران أثرية

والطبقة (E) ترجع لـ 362-252 قبل الميلاد، وتميزت هذه الطبقة وفقًا لبتري بجدران طويلة ومستقيمة وغرف مستطيلة مما يشهد على ازدهار كبير للمدينة يواكب انتشار خلفاء الاسكندر المقدوني وحكام البطالمة للمنطقة وتركزت المواد الأثرية بكثرة في هذه الطبقة ومنها أوزان مصرية وهي الأكثر شيوعًا كما توجد بعض الأوستراكا وعليها كتابات آرامية بالإضافة إلى عملات بطلمية منها اثنان دراخمة للإسكندر.    

وامتدت الطبقة (F) في الفترة التاريخية من 497-362 قبل الميلاد وتميزت بجدران طويلة ومستقيمة أيضًا وكان هناك جدار سميك يحيط بالمدينة من الغرب يبدو أنه كان قد أقيم لغرض دفاعي للمدينة من الخارج وكانت المواد الأثرية البرونزية هي الأكثر شيوعًا مما يشير إلى الهيمنة المصرية.
ولعل الطبقة (G) هي الأهم وتعتبر الاكتشاف الرئيسي بالموقع حيث تم الكشف عن الجزء الشمالي الشرقي من قلعة، بنيت جدرانها من الطوب اللبن وتم تحديد عدة غرف مرتبة على طول جوانب القلعة تخص مبنى محاطًا بجدار كانت أساساته متداخلة وبارزة مكونة منحدرًا للخارج. 
الطبقة (L) من 1212-1064 قبل الميلاد وهي المستوى الأدنى من المدينة فقد تم الكشف عن إناء بشكل زمزمية الحجاج والتي تؤرخ طبقًا لبتري إلى 1150 قبل الميلاد أو عصر الملك رمسيس الثالث. 
الطبقة (M) وترجع للفترة التاريخية 1275-1212 قبل الميلاد وقد أعزى بتري هذه الطبقة لعصر الملك رمسيس الثاني والتي تشتمل على بقايا أساس بناء كبير إلى حد ما.
وأوضح الدكتور سيد عبد العليم أنه على مر العصور أقيمت القلاع والحصون العسكرية على الطريق الساحلي الممتد من القنطرة شرق حتى رفح بشمال سيناء ولقد ذُكرت هذه القلاع في المصادر القديمة على جدران معبد الكرنك في النقش الشهير للملك سيتي الأول والذي يوضح وجود أحد عشرة قلعة عسكرية وتسعة آبار للمياه بالإضافة إلى النقطة المركزية المعروفة بقلعة ثارو (تل حبوة)، وهي نقطة الانطلاق للجيوش المصرية في عصر الدولة الحديثة كما ورد في حوليات الملك تحوتمس الثالث والمصادر الأدبية ونقوش المعابد من عهد الملك رمسيس الثاني
لكن ما تم كشفه بشمال سيناء عن هذه القلاع المصرية يُعتبر أقل كثيرًا من المتوقع وذلك لا يعني بعدوم وجود تلك القلاع لكن هناك صعوبات في الكشف عنها أهمها الكثبان الرملية التي تُغطي العديد من الأماكن من منطقة بئر العبد وحتى رفح.
ونوه الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أهم المواقع التي كُشف فيها عن القلاع المصرية ومنها موقع تل حبوة (ثارو) بالقنطرة شرق وتم الكشف فيها عن أربعة قلاع على الأقل من عصر الدولة الحديثة وما قبلها وكذلك بموقع تل البرج على مقربة من تل حبوة والذي تم الكشف فيه عن قلعتين من عصر الأسرتين 18، 19. وكذلك موقع بئر العبد الذي كشفت فيه بعثة جامعة بن جوريون عن بقايا صوامع غلال من عصر الدولة الحديثة وذكرت وجود قلعة من نفس العصر ولم يُنشر لها صورة أو رسم. وكذلك تم الكشف في موقع الخروبة الذي يقع على ربوة عالية بين الشيخ زويد ورفح عن بقايا قلعة من عصر الدولة الحديثة.
واختتم الدكتور ريحان بأن هذا الكشف الهام المنسى موثق علميًا في كتاب فلندرز بتري عن حفائر بالشيخ زويد عام 1937م، 
Petrie, W.M.Fl., Anthedon. Sinai (British School of Archaeology in Egypt - Egyptian Research Account, 42nd year, 1936, 58), London, 1937.  

وموسوعة مواقع آثار سيناء (تحت الطبع) للدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الأسبق والدكتور السيد عبد العليم
ولم يتم الكشف عن الموقع نظرًا لتحويله لمزارع من قبل السكان المحليين في بداية تسعينات القرن الماضي. 

تم نسخ الرابط