خبراء: وصول الدولار إلى 40 جنيهًا يتطلب إصلاحات اقتصادية شاملة

عاد الجدل من جديد، حول إمكانية هبوط الدولار إلى ما دون 45 جنيهًا، بل وبلوغه مستوى 40 جنيهًا كما يتمنى كثير من المواطنين. وبينما تراجع سعر الدولار بشكل طفيف خلال الأيام الماضية، في ظل التحولات الأخيرة التي شهدها سوق الصرف المصري.
يؤكد خبراء مصرفيون أن هذا الانخفاض لا يزال محدودًا، وأن تحقيق مستويات أقل يتطلب إصلاحات هيكلية جادة، وتحسينًا ملموسًا في مصادر العملة الصعبة والاستثمار الأجنبي.
وأكدت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، أن الحديث عن انخفاض الدولار إلى أقل من 45 جنيهًا ما زال مبكرًا، مشيرة إلى أن التراجع الحالي في سعر الدولار لا يتجاوز 14 قرشًا فقط، وليس بالجنيهات كما يتصور البعض. وأضافت "الدماطي" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن هناك تحسنًا ملحوظًا في توافر العملة الأجنبية بالسوق المصري، إلا أن الوصول إلى مستويات أقل بكثير يتطلب المزيد من العوامل الداعمة.
مصادر الوفرة الدولارية
أوضحت "الدماطي" أن السوق المصري شهد تحسنًا في مصادر تدفق الدولار، مثل زيادة عوائد السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، بالإضافة إلى تحسن مؤشرات التصدير واستقرار الاستثمارات الخليجية، وخاصة من المملكة العربية السعودية، وهو ما ساهم في تعزيز المعروض من العملة الأجنبية خلال الفترة الأخيرة.
الالتزامات الخارجية
كما أكدت "الدماطي" أن مصر تمكنت من سداد جزء كبير من التزاماتها المالية حتى منتصف العام الجاري، مما ساعد في تخفيف الضغوط على سوق الصرف، وبالتالي ساهم في تهدئة حركة الدولار.
وقالت "الدماطي" إن هذه العوامل توفر أساسًا جيدًا لتحقيق استقرار في سعر الصرف، لكن لا تكفي وحدها للوصول إلى مستوى أقل من 45 جنيهًا للدولار.
متطلبات الانخفاض
وأشارت "الدماطي" إلى أن كسر الدولار لحاجز 45 جنيهًا نحو الأسفل، يتطلب تحركات اقتصادية أقوى، ومنها زيادة كبيرة في إيرادات السياحة وتعزيز قطاع التصدير بشكل مستمر.
وأوضحت أن قناة السويس لم تستعد نشاطها الكامل بعد، وهو ما يؤثر على تدفق العملة الصعبة إلى البلاد.
التطورات الإقليمية والدولية
وفي ختام تصريحاتها، أكدت "الدماطي" أن الاتفاق بين الولايات المتحدة ودول الخليج، لكبح النفوذ الاقتصادي الصيني لا يمثل تأثيرًا مباشرًا أو كبيرًا على السوق المصري في الوقت الحالي.
وأشارت إلى أن التغيرات العالمية وحدها لن تكون كافية لتحقيق استقرار في سعر الصرف، إذا لم يصاحبها تحسن داخلي قوي في مصادر النقد الأجنبي.
انخفاض ممكن
ومن جانبه، قال محمد البيه، الخبير المصرفي، إن الوصول إلى سعر صرف 40 جنيهًا للدولار قد يكون ممكنًا إذا توافرت المقومات الاقتصادية اللازمة، مؤكدًا أن هذا الرقم يعد "حلمًا" لكل مواطن ومراقب اقتصادي.
تأثير تحرير سعر الصرف في مارس 2024
وأشار "البيه" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم" إلى أن قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في مارس 2024، ساهم بشكل كبير في تعزيز ثقة المستثمرين، موضحًا أن ترك العملة تتفاعل مع السوق رفع من القدرة على توفير الدولار بأسعاره الحقيقية، وهو ما أدى لاحقًا إلى انخفاض نسبي في سعر الصرف.
اضطرابات كبيرة
وأوضح الخبير المصرفي أن الفترة ما بين نهاية 2024 وبداية 2025، شهدت اضطرابات كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي، من بينها الحرب التجارية بين أمريكا والصين، إلى جانب الركود الاقتصادي العالمي، وهي عوامل ساهمت في تأزيم الوضع الداخلي.
الميزان التجاري
ولفت "البيه" إلى أن الوصول لسعر صرف يبلغ 40 جنيهًا للدولار يستلزم توافر عدد من العوامل المهمة، في مقدمتها وقف عجز الميزان التجاري، حيث تعاني مصر من عجز كبير يؤثر على سعر العملة الأجنبية، مشيرا ًإلى أن حجم خدمة الدين العام يشكل ضغطًا إضافيًا، إذ بلغ معدل خدمة الدين في الموازنة الأخيرة نحو 2.3 تريليون جنيه.
اصلاح اقتصادي
وأضاف البيه أن المرونة في سعر الصرف وحدها لا تكفي، مؤكدًا ضرورة تبني سياسات إصلاح اقتصادي حقيقية، لتهيئة البيئة المالية لجذب الاستثمار وخفض الضغط على الجنيه، مؤكدا ً على أن ضبط تلك العوامل مجتمعة هو ما قد يمكن الدولة من الاقتراب من الرقم الحلم، أي 40 جنيهًا للدولار.