جودة عادل.. سويفي أصيل اعتاد على إنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة

أحيانًا تصنع الظروف أبطالًا، وبالحق قد يكون هناك العديد من الأبطال الذين لم تتح لهم الفرص المناسبة للخروج إلى دائرة النور. جودة عادل، ابن بني سويف، لمع اسمه بعد أن كان على بعد خطوات من الموت بالقرب من محل عمله، أثناء محاولة انتشال جثمان أحد الشباب، الذي تعرض لحادث غرق بنهر النيل، وتبين فيما بعد أنه في عداد الموتى.
حياة جودة عادل
جودة عادل محمد، من مواليد 2001 بحي بني عطية بمدينة بني سويف، لم يستكمل تعليمه الدراسي، ولكن نجح في اكتساب مهنة الصيد، وبالتبعية مهارة السباحة التي تعلمها مثل أقاربه في العائلة بالوراثة. ثم، بالمصادفة والموهبة، تعلم مهنة التصوير وأصبح من ضمن العديد من شباب بني سويف الذين يرتادون ممشى بني سويف السياحي لالتقاط الصور التذكارية للمواطنين، متحصلًا في نهاية اليوم على الرزق الحلال.
إنقاذ الغريق
وقبيل أذان العشاء، بنصف ساعة تقريبًا، مساء الاثنين، أنهى عمله وتجهيزاته نحو مغادرة موقع العمل والذهاب لمنزله للحصول على قسط من الراحة، إلا أنه سمع أصوات استغاثة عديدة هنا وهناك، وقام أحد زملائه بإبلاغه بوجود غريق على أمتار من ممشى بني سويف وشاطئ الكورنيش. فيما أشار عليه أحد المسؤولين في الممشى بأنه سينجح في إخراج وإنقاذ الغريق.
التضحية والشجاعة
على الفور، ترك الشاب الشهم وأدوات التصوير وأمواله ومتعلقاته الشخصية، غير مبالٍ بسرقتها، وتوجه لإنقاذ الغريق. كان هناك أحد الشباب الذين حاولوا مساعدته، ولكن في تلك الأثناء نهره "جودة"، وطالبه بالعودة فور علمه بعدم قدرته على المساعدة في الإنقاذ، لينجح فيما بعد في انتشال الغريق، الذي تبين فيما بعد أنه قد توفي بعد أن أكدت الأجهزة المعنية الأمر.
تجارب سابقة
لم يكن الحادث هو الأول في حياة الشاب الشهم، حيث كان قد تعرض لتلك المواقف الصعبة مرات عديدة، من بينها انتشال جثمان أحد الغرقى بشرق النيل. وفي مرة أخرى، شاهد غريقًا وسارع بإبلاغ المسطحات المائية، والتي نجحت في انتشال جثمانه.
إشادة واسعة
عقب الحادث مباشرة، توالت كلمات الإشادة وعبارات الثناء على الشاب السويفي من جميع زملائه ومسؤولي ممشى بني سويف السياحي، بجانب المواطنين المتواجدين بالممشى أثناء الحادث. كما استمرت عبارات الإشادة بمواقع التواصل الاجتماعي ليقوم بعدها أبناء بني سويف العاملين بالممشى بتنفيذ ممر شرفي لبطلهم الشهم.
شاب طموح
ابن بني سويف، الذي لم ينجح في استكمال تعليمه الدراسي، ولكنه نجح في اختبارات الشهامة والرجولة. حتى في مجال التصوير، يقوم بتصوير الراغبين من مرتادي الممشى مجانًا في حالة عدم استطاعتهم دفع المقابل المادي.
أحلام بسيطة
أحلامه بسيطة: تحديد نقطة تمركز بالممشى للتصوير وتقليل المقابل المادي الشهري. الشاب السويفي الأعزب باتت أحلامه بسيطة بحسب ما كشفها لــ "نيوز رووم"، قائلاً:
"مهنة التصوير مجزية إلى حد ما، والحمد لله على رزقه، وما أتمناه من الدكتور محمد غنيم، محافظ بني سويف، هو تحديد نقطة تمركز لي بالممشى أسوة بزملائي حتى أستطيع العمل بحرية وانسيابية. فجميع الشباب المتواجدين ممن يقومون بمهنة التصوير يدفعون المقابل المادي للمحافظة والمقدر بنحو 1300 جنيه شهريًا، ونتمنى مراعاة التخفيض تيسيرًا لنا."
حادث غرق آخر
في مساء الاثنين، عثر الأهالي في محافظة بني سويف على جثة شاب طافية فوق سطح مياه نهر النيل أمام منطقة الكورنيش، في مشهد مؤلم أثار حالة من الحزن بين المواطنين المتواجدين بالمكان. حيث تلقت عمليات النجدة بلاغًا من أحد المواطنين يفيد بوجود جثمان يظهر على سطح المياه بالقرب من منطقة الكورنيش. وعلى الفور تم إخطار الأجهزة الأمنية، وانتقلت قوة من قسم شرطة بندر بني سويف، يرافقها فريق من الإنقاذ النهري وسيارة إسعاف، إلى موقع البلاغ. وبعد جهود استمرت لدقائق، نجح رجال الإنقاذ النهري في انتشال الجثمان، الذي تبين أنه لشاب يبلغ من العمر ما بين 25 إلى 35 عامًا، دون وجود أي أوراق ثبوتية تدل على هويته.
بيانات الغريق
تبين فيما بعد أن اسم الغريق هو "ابانوب كرلس حنا"، وتم نقل الجثمان بواسطة سيارة إسعاف إلى مشرحة مستشفى بني سويف الجامعي، ووضعه في ثلاجة حفظ الموتى تحت تصرف جهات التحقيق. التي باشرت عملها لمعرفة ملابسات الواقعة، وطلبت تحريات المباحث حول ظروف العثور على الجثة، كما قررت انتداب الطبيب الشرعي لتشريح الجثمان وتحديد سبب الوفاة بدقة.