حقائب سوداء ووثائق سرية.. هكذا هرب الموساد أرشيف إيلي كوهين من سوريا

نفّذ جهاز الموساد الإسرائيلي عملية استخباراتية سرّية وصفت بـ”المعقّدة والنوعية”، تمكّن خلالها من تهريب أرشيف كامل يخص الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، من داخل الأراضي السورية إلى إسرائيل، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية.
تنفيذ عناصر النخبة داخل الموساد
العملية، التي أشرف عليها فريق محدود من عناصر النخبة داخل الموساد، تمت بسرية تامة، وتركّزت في موقع غير محدد تابع لجهاز الاستخبارات السورية، حيث كانت الوثائق محفوظة منذ نحو 60 عامًا. وتضمّن الأرشيف المسرّب أكثر من 2500 وثيقة وصورة وأغراض شخصية، جُمعت خلال فترة نشاط كوهين في دمشق.
تهريب المواد من داخل سوريا عبر وسيط سري
جرى تهريب هذه المواد تم من داخل سوريا إلى خارجها عبر “وسيط سري” لم تُكشف هويته، ثم نُقلت إلى إسرائيل بوسائل غير تقليدية. وتُشير تقديرات أمنية إلى أن العملية ربما اعتمدت على تعاون استخباراتي مع أطراف ثالثة، أو على اختراق مباشر لمواقع تخزين المعلومات.
الأكثر جرأة منذ سنوات
وكشفت الصور المسربة من مصادر إسرائيلية عن تفاصيل جديدة تشير إلى الطريقة التي استخدمها جهاز الموساد لتهريب الأرشيف الخاص بالجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين من الأراضي السورية، في عملية سرية وصفت بأنها الأكثر جرأة منذ سنوات.
حقائب مخصصة وأرشيف منظم
وتُظهر إحدى الصور قاعة مغلقة في مقر أمني إسرائيلي، وُضعت فيها عشرات الملفات والمجلدات الأصلية على طاولة اجتماعات، بينما ظهرت في وسطها حقيبة سوداء مفتوحة، يبدو أنها استُخدمت لنقل الوثائق والمقتنيات، ما يعزز الرواية بأن التهريب جرى ميدانيًا وبوسائل ميدانية محكمة.

وثائق أصلية بترميزات متعددة
الصورة الأولى تُظهر جواز سفر أرجنتيني باسم مستعار، مع صورة فوتوغرافية وبصمة أصبع، يرجح أنها من الوثائق التي استخدمها كوهين لإخفاء هويته، وقد حافظت الاستخبارات السورية على هذه الوثائق لعقود قبل تهريبها. هذا يلمّح إلى أن العملية استهدفت ملفات محفوظة في أرشيف أمني داخلي.

محاضر ومحاكمات أصلية
الصورة الثانية تبيّن محضرًا رسميًا صادراً عن المحكمة العسكرية السورية، بتوقيعات متعددة، ويبدو أنه أحد مستندات الإدانة التي أُرفقت بملف كوهين. نقل مثل هذه الوثيقة، بما تحويه من توقيعات حساسة، يشير إلى أن هناك اختراقًا لمخازن محفوظات الدولة أو تعاونًا خفيًا داخليًا.

نسخ متآكلة وملفّات مهترئة
الصورة الثالثة تظهر ورقة مطبوعة متآكلة ومحفوظة داخل غلاف بلاستيكي، ما يدل على أن بعض المواد المهربة كانت بحالة سيئة وتحتاج إلى معالجة أرشيفية بعد تهريبها. ويُفهم من ذلك أن العملية لم تتم عبر رقمنة البيانات، بل بنقل فعلي لمستندات مادية أصلية.

عملية تنقيب واسترداد استخباراتي
تشير هذه الأدلة مجتمعة إلى أن تهريب الأرشيف لم يكن عبر وسيط إلكتروني أو جهات وسيطة، بل نُفّذ ميدانيًا عبر عناصر متخصصة تمكّنت من الوصول الفعلي إلى أماكن التخزين، وانتقاء المواد ونقلها ضمن حقائب مخصصة، يُحتمل أنها خرجت عبر منافذ حدودية أو بمساعدة أطراف متعاونة في مناطق خارجة عن السيطرة الكاملة للحكومة السورية.

طبيعة المهام التي كان يؤديها كوهين
وتكشف الوثائق عن طبيعة المهام التي كان يؤديها كوهين خلال عمله تحت غطاء رجل أعمال سوري يدعى "كامل أمين ثابت"، وهي التغطية التي سمحت له بالتوغل داخل الطبقة السياسية والعسكرية في سوريا خلال الفترة من 1961 حتى 1965.
سعي إسرائيلي لاستعادة جثمان كوهين
وفي تعليقه الرسمي، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو استعادة الأرشيف “خطوة ذات قيمة وطنية وإنسانية كبرى”، فيما قال رئيس جهاز الموساد ديدي برنيع إن العملية تمثل “إنجازًا أخلاقيًا وإنسانيًا من الدرجة الأولى”، مؤكداً استمرار المساعي لاستعادة جثمان كوهين.

ويُشار إلى أن كوهين أُعدم شنقًا في ساحة المرجة بدمشق عام 1965، بعد كشف أمره، وتحوّلت قضيته منذ ذلك الحين إلى رمز استخباراتي في الذاكرة الإسرائيلية. وقد سبق أن أعلنت إسرائيل عام 2019 عن استعادة ساعة يده الشخصية ضمن سلسلة جهود تهدف إلى جمع ما تبقى من مقتنياته.