عالم أزهري: الحج يمثل تجربة روحية فريدة يتجرد فيها المسلم من دنياه (فيديو)

شدد الدكتور عصام الروبي، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، على أن فريضة الحج تمثل تجربة روحية فريدة، حيث يتجرد فيها المسلم من دنياه، ويرتدي لباس الإحرام الذي يوحد بين الفقير والغني، الأمير والعامي، ليقفوا جميعًا بين يدي الله متساوين في العبودية، مستشعرين مقام القرب منه.
وقال خلال حواره مع قناة “أزهري”، إن الحج ليس فقط انتقالًا جسديًا إلى مكة المكرمة، بل هو انتقال في الوجدان والضمير، ومواجهة صادقة للذات، حيث يعترف العبد بذنوبه ويطلب الغفران بعينين دامعتين وقلب خاشع، وهو ما يشعر به الحجاج حين يقفون على عرفات أو يطوفون بالكعبة المشرفة.
وأضاف أن مشاعر الحجاج التي تنعكس في دعائهم وخشوعهم تؤكد أن الحج مقام من مقامات العروج الروحي، حيث تتحول الرحلة إلى مزيج من الرجاء والخوف واليقين، يعبّر فيها الحاج عن ضعفه أمام قوة الله، ويتمسك بأمل واسع في رحمته.
زيارة المدينة تُعد استكمالاً روحانيًا لفريضة الحج
وتناول في حديثه أبعادًا مهمة في زيارة المدينة المنورة، مشيرًا إلى أن وجود الحاج في روضة النبي صلى الله عليه وسلم يبعث على السكينة ويُشعره بأنه في حضرة من غيّر وجه التاريخ بنور الهداية، مضيفًا أن زيارة المدينة تُعد استكمالاً روحانيًا لفريضة الحج، حيث يتصل الحاج بسيرة الرسول ومواقفه، ويشعر بعمق المحبة والامتنان.
ولفت إلى أن الشوق لأداء هذه الفريضة هو من علامات صدق الإيمان، وأن من حال بينه وبين الحج حائل، فإن الله يكتب له الأجر بنيته، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”.
وفي سياق متصل، الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفريضة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع مرة واحدة في العمر، كما ورد في قوله تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً". يُؤدى الحج في مكة المكرمة خلال شهر ذي الحجة، وتحديدًا من اليوم الثامن إلى الثالث عشر من الشهر، ويتضمن مجموعة من المناسك المترابطة التي تبدأ بالإحرام، ثم الوقوف بعرفة، والطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والمبيت في منى ومزدلفة، ورمي الجمرات، وذبح الهدي.
يمثل الحج تجربة روحية فريدة يجتمع فيها المسلمون من مختلف أنحاء العالم، في مشهد يعكس وحدة الأمة الإسلامية ومساواتها، إذ يرتدي الجميع لباس الإحرام الموحد، ويؤدون المناسك ذاتها. يهدف الحج إلى تعميق التقوى، وتطهير النفس من الذنوب، وتجديد العهد مع الله.
وتولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بتنظيم الحج سنويًا، عبر توفير الخدمات اللوجستية والطبية والأمنية لضمان سلامة الحجاج وراحتهم. كما يشكل الحج ركيزة مهمة في تعزيز الروابط الإيمانية والثقافية بين المسلمين حول العالم، ويُعد من أعظم العبادات التي تُقرب المسلم من ربه وتمنحه فرصة لبدء حياة جديدة نقية.