سوريا تشكل "هيئة وطنية للمفقودين" لكشف مصير الآلاف بعد الإطاحة بالأسد

أعلنت السلطات الانتقالية في سوريا، عن تشكيل "الهيئة الوطنية للمفقودين"، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى كشف مصير آلاف السوريين المفقودين والمخفيين قسريًا خلال سنوات الحرب، وذلك بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد.
مهمة إنسانية وقانونية
وبحسب مرسوم رئاسي وقّعه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بتاريخ 17 مايو 2025، ستُكلّف الهيئة "بالبحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرا، وتوثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلات الضحايا"، بما يعزز جهود كشف الحقيقة وإنصاف المتضررين.
استقلال إداري وتمويل مستقل
ينص المرسوم على أن الهيئة الجديدة ستتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ما يسمح لها بأداء مهامها بمعزل عن الضغوط السياسية والإدارية. وقد تم تعيين الحقوقي محمد رضى خلجي رئيسًا للهيئة، وهو الذي سبق أن شغل عضوية اللجنة الوطنية لصياغة إعلان دستوري انتقالي في مارس الماضي.
حلقة في مسار العدالة الانتقالية
وتندرج هذه الخطوة ضمن خارطة طريق أوسع رسمها إعلان دستوري وقّعه الشرع مؤخرًا، يحدّد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ويشمل إنشاء هيئة للعدالة الانتقالية تُعنى بكشف الحقيقة، والمساءلة، وإنصاف الضحايا والناجين من سنوات النزاع، الذي أودى بحياة مئات الآلاف وخلّف آثارًا إنسانية عميقة.
مطلب شعبي طال انتظاره
لطالما طالب أهالي المفقودين والناجين من الاعتقال في سوريا بتشكيل هيئة مستقلة تتولى الكشف عن مصير أحبائهم، في ظل استمرار الغموض حول مصير الآلاف منذ العام 2011. ويأمل أهالي الضحايا أن تكون الهيئة الجديدة بداية فعلية لإغلاق واحد من أكثر الملفات إيلامًا في تاريخ البلاد الحديث.
تحديات متوقعة
رغم أهمية الخطوة، تواجه الهيئة تحديات كبيرة أبرزها الحصول على أرشيف موثّق ودقيق للانتهاكات، والوصول إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، والتعامل مع أطراف محلية ودولية متورطة في ملف الاختفاء القسري. وهو ما يتطلب دعمًا تقنيًا وسياسيًا داخليًا وخارجيًا لضمان نجاح مهام الهيئة.
ربط العدالة بالحقيقة
يرى مراقبون أن تشكيل هيئة المفقودين، بالتوازي مع إطلاق هيئة العدالة الانتقالية، يمثل محاولة جادة لبناء مصالحة وطنية حقيقية تستند إلى الحقيقة والإنصاف. إذ أن كشف مصير المفقودين وإنصاف ذويهم ليس فقط مطلبًا إنسانيًا، بل ضرورة لتحقيق السلام المجتمعي وبناء دولة القانون.