الرئيس السوري يعلن تشكيل هيئة العدالة الانتقالية: تحقق الإنصاف وترسخ للمصالحة

في خطوة وُصفت بالمفصلية في مسار العدالة وبناء الدولة السورية الجديدة، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، تشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، كأداة مركزية لإرساء العدالة وكشف الحقيقة وتحقيق المصالحة الوطنية بعد سنوات من النزاع والانتهاكات الواسعة.
مرسوم تأسيس الهيئة
وأصدرت الرئاسة السورية مرسومًا تشريعيًا يقضي بتأسيس هيئة مستقلة تحت اسم "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، تتولى التحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال حكم النظام السابق، إضافة إلى محاسبة المسؤولين عنها، وذلك بالتعاون مع الجهات القضائية والحقوقية المختصة. ويُعد إنشاء هذه الهيئة أحد أبرز التعهدات السياسية التي أعلنها الشرع بعد تسلمه السلطة، في إطار إصلاح شامل للمؤسسات.
مهام وصلاحيات شاملة
بحسب المرسوم، تم تعيين عبد الباسط عبد اللطيف رئيسًا للهيئة، على أن يباشر خلال 30 يومًا تشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي للهيئة. وأكدت الرئاسة أن الهيئة ستتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتمارس صلاحياتها في جميع الأراضي السورية، بما يعزز حياديتها وفاعليتها في أداء مهمتها. وتشمل المهام الموكلة للهيئة: كشف الحقيقة، جبر الضرر، ضمان عدم التكرار، وتحقيق المصالحة الوطنية.
آمال واسعة للضحايا
ينظر مئات الآلاف من السوريين إلى هذه الخطوة باعتبارها أملًا جديدًا لكشف مصير أحبّائهم الذين اختفوا قسرًا في معتقلات النظام السابق، أو لدى قوى أمر واقع أخرى مثل "قوات سوريا الديمقراطية"، وبعض فصائل المعارضة وتنظيم داعش. وتُعد قضية المعتقلين والمفقودين من أعقد الملفات العالقة في المشهد السوري، حيث لم تُفتح بشكل جاد طوال سنوات الحرب.
ويأمل ذوو الضحايا أن تسهم الهيئة الجديدة في توفير آلية شفافة لمساءلة الجناة، وتعويض المتضررين، وبناء ذاكرة وطنية تستند إلى الحقيقة والعدالة، بعيدًا عن الانتقام أو الإقصاء، ما يعزز فرص الانتقال إلى دولة مدنية تحترم الحقوق وتضمن الحريات.
ملفات حساسة بانتظار المعالجة
تشير التقديرات الحقوقية إلى أن عشرات آلاف السوريين ما زالوا في عداد المفقودين، ويُعتقد أن العديد منهم قضوا في السجون السرية أو تحت التعذيب، سواء لدى النظام السابق أو أطراف أخرى في النزاع. ويُنتظر من الهيئة أن تفتح هذه الملفات بشفافية، بما يشمل توثيق الجرائم، والإفراج عن المعتقلين الأحياء، وتسليم رفات الضحايا لعائلاتهم، وهي مطالب تشكل جوهر العدالة الانتقالية في أي سياق ما بعد الصراع.