عاجل

جمال فرويز يكشف كيف تتقاطع الشيخوخة والمرض مع انفلات المجتمع

جمال فرويز
جمال فرويز

في الآونة الأخيرة، تصاعدت وتيرة حوادث تحرش كبار السن بالأطفال، لتفتح بابا من التساؤلات حول دوافع غير مألوفة، تكشف عن أبعاد نفسية وصحية واجتماعية مسكوت عنها، الظاهرة التي بدأت تفرض نفسها على الواقع المجتمعي ليست مجرد انحرافات فردية، بل قد تكون نتيجة مباشرة لأمراض عضوية ونفسية يعاني منها بعض المسنين دون أن يلتفت إليها أحد.
تضخم البروستاتا محفز للرغبة الجنسية
قال دكتور جمال فرويز أستشاري الطب النفسي، لـ "نيوز رووم"، إن من أبرز الأسباب البيولوجية التي تدفع بعض كبار السن إلى هذا السلوك، ما يعرف بمرض تضخم البروستاتا، الذي يرافقه اضطراب هرموني قد يؤدي إلى زيادة مشاعر الإثارة والرغبة الجنسية بشكل غير متزن، ومع غياب الوعي الطبي، وتراجع المراقبة الأسرية، يصبح السلوك الجنسي الخارج عن السيطرة أمرا متوقعا من بعض الحالات.
الزهايمر
وأضاف أنه، في موازاة ذلك، يشير متخصصون إلى أن العديد من كبار السن قد يصابون بمرض الزهايمر في مراحله الأولى دون تشخيص واضح، إذ تؤكد الإحصاءات أن نحو 90% من حالات الزهايمر تمر دون علم ذويهم، ويعامل المريض وكأنه طبيعي تمامًا، ومع تقدم المرض، تبدأ بعض السلوكيات الشاذة في الظهور، من بينها الانفلات الجنسي، وهو فقدان السيطرة على التصرفات والغرائز، وقد يصل الأمر إلى البحث عن إشباع جنسي من مصادر غير منطقية كالاعتداء على الأطفال.
البيدوفيليا
وأكد فرويز، أن الدراسات تشير إلى أن اضطراب "البيدوفيليا"، أو الميل الجنسي للأطفال، قد يتشكل مبكرا في حياة الإنسان، إذ تبدأ 18% من الحالات قبل سن 14 عاما، وتستمر لدى أكثر من 20% لما بعد هذا العمر وحتى الشيخوخة، وفي بعض الحالات، تظل هذه الرغبة خامدة، حتى تنفجر مع تقدم السن وضعف الضوابط النفسية أو العقلية، مع في غياب التشخيص أو الاحتواء، قد يسعى صاحب هذا الاضطراب لإشباع رغباته مع أطفال أبرياء، خاصة إن وجد فرصة أو غيابا رقابيا من الأسرة.
السوشيال ميديا خطر آخر 
وقال استشارى الطب النفسي إنه لا يمكن تجاهل الدور السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت متنفسا يوميا لكبار السن، بعد أن اجتذبتهم تطبيقات مثل "تيك توك" و"يوتيوب"، وما تحويه من مشاهد مثيرة ومحتوى غير منضبط، في ظل غياب الرقابة والفراغ العاطفي، قد تتحول هذه المنصات إلى مصدر إثارة مستمر يوقظ رغبات مكبوتة، ويضعف السيطرة لدى من يعانون أساسًا من اختلالات عقلية أو جنسية.
تراجع دور الأسرة
وأضاف أن الواقع الاجتماعي اليوم يظهر بوضوح اتساع الفجوة بين الأبناء وكبار السن في الأسرة الواحدة، فالاهتمام انصرف إلى متابعة حياة الفنانين والمشاهير ولاعبي الكرة، بينما ترك الآباء والأجداد لمصيرهم مع الوحدة والفراغ، دون احتواء نفسي أو متابعة طبية.
حماية الأطفال تبدأ من فهم الكبار
وشدد على أن المشكلة أكبر من أن تختزل في جريمة.،نحن بحاجة إلى وعي حقيقي بطبيعة أمراض الشيخوخة، وإلى برامج صحية ونفسية للكشف المبكر عن حالات الزهايمر واضطرابات السلوك الجنسي، كما يتعين على الأسر أن تدرك أن كبار السن ليسوا فقط مسئولية رعاية مادية، بل أيضا مسؤولية عاطفية ونفسية وسلوكية، فمعرفة ما يدور في دواخلهم من تغيرات، ومتابعة محتوى ما يشاهدونه أو يتأثرون به، قد تمنع جريمة قبل وقوعها.
الوقاية تبدأ من الأسرة 
وأكد فرويز أن الخطوة الأولى هي إعادة الاعتبار لدور الأسرة في الاحتواء، وتوسيع دائرة الفحص النفسي والطبي لكبار السن، وفتح النقاش المجتمعي حول "السلوك الجنسي غير السوي لدى الشيخوخة" دون وصم أو إخفاء، ومع التعاون بين الطب والأسرة، والدين والإعلام.

تم نسخ الرابط