هل بلونة "نفوق الدواجن".. تمهيدا لارتفاع أسعارها؟

شهدت الساعات الماضية جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بعد تداول أنباء عن نفوق أعداد كبيرة من الدواجن في بعض المزارع، وهو ما وصفه البعض بـ"بالونة نفوق الدواجن"، وسط اتهامات بأن هذه الأخبار قد تكون محاولة لتبرير ارتفاع مرتقب في أسعار الدواجن.
اتهامات بتهيئة السوق نفسيًا
وصرّح ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، بوجود مشكلات حقيقية داخل القطاع قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لافتًا إلى أن نسبة النفوق قد تصل إلى 30% أو أكثر. غير أن توقيت هذه التصريحات، الذي تزامن مع توقعات بزيادة وشيكة في الأسعار، أثار الشكوك لدى البعض حول محاولة تهيئة السوق نفسيًا لتقبّل الغلاء.
من جهته، قال المهندس أحمد مرتضى، خبير في تربية الدواجن المنزلية، في تصريحات لـ"نيوز رووم"، إن هناك مبالغات واضحة في بعض الأخبار المتداولة، موضحًا أن بعض الجهات قد تلجأ إلى التلاعب الإعلامي أو النفسي لتبرير زيادات غير مبررة في الأسعار، حتى وإن كانت هناك وقائع جزئية.
بالونة اختبار
في السياق نفسه، وصف عبد الراضي الدويقي، صاحب مزرعة دواجن، ما يحدث بـ"بالونة اختبار" تهدف إلى قياس رد فعل السوق والمستهلك إزاء احتمالات زيادة الأسعار، مشيرًا إلى أن غياب البيانات الرسمية الدقيقة عن نسب النفوق زاد من مساحة الجدل.

السوق مستقر ولا أزمة وبائية
وفي رد رسمي، نفى الدكتور محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة، في تصريحات لـ"نيوز رووم"، صحة الأرقام المتداولة، مؤكدًا أن السوق مستقر ولا توجد أزمة تؤثر على الإنتاج أو الأسعار، بل يشهد القطاع تزايدًا في الاستثمارات وتحسنًا في الإنتاج.
من جانبه، شدد سامح السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، على أن الحديث عن نفوق بنسبة 30% غير دقيق وغير منطقي، موضحًا أن مصر تنتج أكثر من 4 ملايين طائر يوميًا، وأن الحديث عن نفوق مليون طائر يوميًا لا يستند إلى أي مرجع رسمي.
عيد الأضحى يُقلل الطلب على الدواجن
وأشار "السيد" إلى أن اقتراب عيد الأضحى عادة ما يصاحبه تحول في طلب المستهلكين نحو اللحوم الحمراء، ما يُخفف من الضغط على سوق الدواجن وينفي الحاجة إلى رفع أسعارها في هذا التوقيت.
نسبة النفوق في المعدلات الطبيعية
من جهته، أكد الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، أن نسبة النفوق لا تتجاوز 4% إلى 5%، وهو المعدل الطبيعي عالميًا، مشددًا على أن الحديث عن وجود وباء أو نسب نفوق مرتفعة لا يستند إلى أي وقائع موثقة.
لا أزمة وبائية
وأوضح "سليمان"، في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»، أن الحديث عن وجود وباء في صناعة الدواجن لا يمت للواقع بصلة، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة اقتصاديًا لا يمكن أن تستورد دواجن من مصر إذا كان هناك أي مؤشرات على وجود مرض وبائي، حتى ولو بنسبة بسيطة، قائلاً "لو كان في وباء زي ما بيتقال، مفيش دولة برة كانت هتطلب دواجن من عندنا".
لم يتجاوز 5%
وشدد رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة على أن نسبة النفوق في الدواجن لا تتجاوز 4 إلى 5% فقط، وهو المعدل الطبيعي المعترف به دوليًا، مؤكدًا أن الحديث عن نسبة نفوق تصل إلى 30% مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة.
وتابع: "لدينا لجان ترصد الحالة الصحية بشكل يومي، ولا توجد مؤشرات تدعم هذه المزاعم".

شائعات لرفع الأسعار
وأشار سليمان إلى أن الهدف من نشر مثل هذه الأخبار المغلوطة قد يكون التأثير على السوق ورفع الأسعار بشكل مفتعل، لافتًا إلى أن السوق يشهد حاليًا أعلى درجات من الإنتاجية، ما يؤكد عدم وجود أي معوقات صحية أو فنية، وأكد أن الاستثمار في قطاع الدواجن يتزايد، وهو ما لا يمكن أن يحدث في ظل وجود وباء حقيقي.
الهيئة البيطرية: لا مؤشرات على نفوق جماعي
من جهته، أكد الدكتور حامد الأقنص، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، أن الهيئة لم ترصد أي حالات نفوق جماعي كما يُشاع، مشيرًا إلى أن فرق تقصي ميدانية تجوب المزارع وتُجري تحاليل دورية دقيقة، ولم تُسجّل أي حالات تستدعي القلق.
عوامل أخرى محتملة للنفوق
رجّح الأقنص أن تكون بعض حالات النفوق ناتجة عن ظروف بيئية أو إدارية مثل:
- ارتفاع الرطوبة داخل الحظائر
- تغيرات مناخية حادة
- سوء التغذية
- وجود سموم فطرية في الأعلاف
فهل سترتفع الأسعار؟
اقتصاديًا، إذا كان هناك بالفعل نفوق واسع يؤثر على حجم المعروض، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار. لكن، بحسب ما تؤكده الجهات الرسمية، فإن الوضع مستقر، والنفوق ضمن المعدلات الطبيعية، ما يعني أن الأسعار ستظل كما هي على الأرجح، ما لم تظهر تطورات جديدة.