هل يصبح إطلاق سراح مروان البرغوثي مفتاحًا للسلام الفلسطيني أم تهديدًا للواقع السياسي؟

يُعد مروان البرغوثي، السجين الفلسطيني البارز، واحدًا من الأشخاص الذين قد يتم الإفراج عنهم في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولكن، هل سيتم تنفيذ إطلاق سراحه فعلاً؟، وإذا حدث ذلك، يبقى الدور الذي قد يلعبه هذا القائد الفلسطيني في المستقبل غير مؤكد.
يقبع مروان البرغوثي خلف القضبان في إسرائيل منذ أكثر من عشرين عامًا، ولم تخفت مكانته الشعبية بل على العكس، ما زالت تتعزز، يصور وجهه المبتسم مع الأصفاد على يديه المرفوعتين فوق رأسه، وإشارة النصر بإصبعين، على جدران الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تزين صوره اللافتات في التظاهرات المطالبة بالسلام في فلسطين في مختلف أنحاء العالم منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا.
ومنذ السابع من أكتوبر، أصبح اسمه يُذكر بشكل متزايد في فلسطين والخارج ليكون خليفة محتملًا في مفاوضات السلام، أو حتى ليكون الرئيس القادم لدولة فلسطينية، وقد كان هذا هو السبب في مطالبة وزير الأمن الوطني الإسرائيلي، إيتامار بن غفير، في فبراير 2024، بتشديد ظروف اعتقال هذا الرجل البالغ من العمر 65 عامًا.
وذكر رئيس لجنة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية إنه تم نقل البرغوثي من سجن إلى آخر، حيث تم عزله عن رفاقه في الزنزانة، ووقع ضحية للضرب، التجويع، وحرمان النوم وغيرها من الانتهاكات.
محطات من حياته السياسية
حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في خمس قضايا بسبب إدانته من قبل إسرائيل في عام 2003 بتحضير هجمات خلال الانتفاضة الثانية مع كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح.
ومع ذلك، رفض البرغوثي دائمًا الاعتراف بالعدالة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقال عند وصوله إلى المحكمة في 2002 أمام الصحفيين: "السلام ونهاية الاحتلال هما ما سيجلبان الأمان للشعب، فالشعب الإسرائيلي يدفع ثمناً باهظاً لسياسات حكومته".
رمز للوحدة الفلسطينية
وُلد مروان البرغوثي في كوبر بالقرب من رام الله، وكان في الخامسة عشرة من عمره عندما بدأ نشاطه السياسي بالانضمام إلى حركة فتح، تم طرده من قبل إسرائيل إلى الأردن في عام 1987، ولم يتمكن من العودة إلى فلسطين إلا بعد اتفاقات أوسلو في 1993.
موقف إسرائيل من إطلاق سراحه
على الرغم من أن اليسار الإسرائيلي يبدو داعمًا لإطلاق سراح البرغوثي، إلا أن حكومة نتنياهو تعارض ذلك بشكل دائم، نظرًا لما يحظى به من شعبية واسعة بين الفلسطينيين.
ومن جانبه قال المدير السابق لجهاز الموساد، إفرايم هاليفي "إذا أردنا أن نُجري مفاوضات عملية، فنحن بحاجة إلى أشخاص ذوي كفاءة من كلا الجانبين، وبالنسبة للطرف الفلسطيني، إذا تم إطلاق سراح مروان البرغوثي اليوم، سيكون ذلك أمرًا جديرًا بالثناء حقًا".
علاقته بالقيادة الفلسطينية
على الرغم من أن البرغوثي يتسم بسمعة قوية لدى الفلسطينيين بسبب سنواته الطويلة في السجن، إلا أن ذلك لا يرضي محمود عباس، الذي يخشى من أن تؤدي حريته إلى الإضرار بموقعه كزعيم للسلطة الفلسطينية.
وفي استطلاعات الرأي التي أجراها "مركز بحوث السياسات الفلسطينية"، يتفوق البرغوثي بشكل كبير في الشعبية على محمود عباس منذ أكثر من عشر سنوات، وبالتالي، فإن إطلاق سراحه قد يؤدي إلى سقوط عباس، الذي يُتهم بالفساد ويُنتقد من قبل البرغوثي بشكل مستمر.
مستقبل غامض
وتطالب حركة حماس أيضًا بإطلاق سراح البرغوثي، رغم أنه خاض معركة ضد الحركة الإسلامية في بداياتها، إلا أن حماس تدرك أن إطلاق سراحه سيكون نجاحًا رمزيًا لها، حيث يدعو البرغوثي إلى وحدة الفصائل الفلسطينية، حيث وقع البرغوثي، في عام 2006، مع ممثلين عن الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي ومنظمة التحرير الفلسطينية، على "وثيقة التفاهم الوطني للأسرى" التي تدعو إلى وحدة الفصائل وإقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967.
وفي حال تم إطلاق سراحه، فمن المرجح أن يتم ترحيله إلى الخارج من قبل إسرائيل، سواء إلى تركيا أو مصر أو قطر، وفقًا للسيناريوهات المحتملة، إلا أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار ستنفذ أم لا، إذ يبقى مصير "مانديلا الفلسطيني" غير مؤكد، في ظل التحديات السياسية والتعقيدات التي تحيط بالعملية السلمية في المنطقة.