عاجل

معركة دبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة.. ضغوط أمريكية على أوكرانيا لسحب إدانة روسيا

ترامب وزيلينسكي
ترامب وزيلينسكي

استمرارا للتحول المفاجئ في سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إزاء الحرب في أوكرانيا، فقد دعت إدارته السلطات الأوكرانية لسحب قرارها السنوي في الأمم المتحدة، الذي يدين الحرب الروسية، واستبداله ببيان أمريكي لا يُحمّل موسكو أي مسؤولية مباشرة عن الصراع.

 وبينما ترفض أوكرانيا التراجع، تتزايد التوترات بين الحليفين وسط كواليس دبلوماسية مشحونة وصراع على النفوذ في المنظمة الأممية.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن إدارة ترامب قد طلبت من أوكرانيا سحب قرارها السنوي في الأمم المتحدة الذي يدين الحرب الروسية، واستبداله ببيان أمريكي يدعو إلى إنهاء الصراع دون تحميل موسكو أي مسؤولية، وفقا لمسؤولين ودبلوماسيين.

اقتراح أمريكي صادم لأوكرانيا

وأثار الاقتراح صدمة في كييف، التي رفضت سحب قرارها المزمع التصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين، بالتزامن مع الذكرى الثالثة للحرب الروسية. 

ويأتي هذا التحول المفاجئ- حيث كانت واشنطن في طليعة الجهود لدعم أوكرانيا وإدانة روسيا- بعد محادثة بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي ترافقت مع تصريحات مثيرة للجدل من ترامب وصف فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"الديكتاتور"، محملاً أوكرانيا مسؤولية بدء الحرب.

كما عقد كبار المسؤولين الأمريكيين محادثات مع روسيا دون إشراك أوكرانيا، مما زاد من التوترات بين واشنطن وكييف. وتواجه المفاوضات الجارية بين الجانبين خطر الانهيار، والتي تهدف إلى منح واشنطن حقوقًا في المعادن الأوكرانية كتعويض عن المساعدات العسكرية والاقتصادية المقدمة لكييف.

ومع استمرار الجدل، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى لقاء ترامب الأسبوع المقبل في واشنطن، في محاولة لفهم موقف

مسودة القرار الأمريكي

وفقًا لمسودة القرار الأمريكي، التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" يوم الجمعة، فإن النص يتألف من أربعة أسطر فقط. ويحمل عنوان "الطريق إلى السلام"، ويعبر عن "الحزن" على الخسائر في الأرواح، ويشير إلى أن "الهدف الرئيسي للأمم المتحدة" هو الحفاظ على السلام وحل النزاعات، و"يحث على إنهاء سريع للصراع ويدعو إلى سلام دائم بين أوكرانيا وروسيا."


وأشارت الصحيفة الامريكية إلى أنه قد قيل إن الولايات المتحدة تفكر في تقديم نسختها الخاصة من القرار خلال اجتماع منفصل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفقًا لمسؤولين ودبلوماسيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.


فقد طلبت إدارة ترامب عقد اجتماع لمجلس الأمن صباح الاثنين في الساعة 9 صباحا، أي قبل ساعة واحدة من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوًا.

بدت إدارة ترامب مصممة على تمرير موقفها. حيث أصدر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بيانا، يوم الجمعة، قال فيه إن واشنطن "اقترحت قرارا بسيطا وتاريخيا في الأمم المتحدة، نحث جميع الدول الأعضاء على دعمه من أجل تمهيد الطريق نحو السلام".

وأضاف البيان: "من خلال دعم هذا القرار، نؤكد أن هذا الصراع مأساوي، وأن الأمم المتحدة يمكن أن تساعد في إنهائه، وأن السلام ممكن. نحن نؤمن بقوة أن هذه هي اللحظة المناسبة للالتزام بإنهاء الحرب." كما وافق روبيو على توجيه مذكرة لجميع البعثات الدبلوماسية الأمريكية في أنحاء العالم، لحث الدبلوماسيين الأمريكيين على الضغط على الدول لدعم القرار الأمريكي بدلا من القرار الأوكراني.

وبدورها، قامت أوكرانيا بتحركات دبلوماسية، حيث أعلن زيلينسكي ووزير خارجيته أندريي سيبيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يوم السبت، أنهما تحدثا مع نظرائهما الهولنديين والبريطانيين، اللذين أبديا دعما للموقف الأوكراني.


انتقاد أمريكي للقرار الأوكراني


في المقابل، فإن القرار الأوكراني المطول، المدعوم من عشرات الدول الراعية، يتضمن تفاصيل حول الهجمات الروسية وانتهاكات حقوق الإنسان، ويؤكد على حق أوكرانيا في السيادة على جميع أراضيها. كما يشير إلى القرارات المؤقتة ضد روسيا في محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، ويؤكد "الحاجة إلى ضمان المساءلة عن أخطر الجرائم"، ويحذر من أن مشاركة القوات الكورية الشمالية إلى جانب روسيا "تثير مخاوف جدية بشأن تصعيد النزاع."

ويعيد القرار الأوكراني التأكيد على "الحاجة الملحة لإنهاء الحرب هذا العام" من خلال الدبلوماسية المتعددة الأطراف، ويدعو إلى "تحقيق سلام شامل وعادل ودائم" يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

ووصف المسؤولون الأمريكيون القرار الأوكراني بأنه "استفزازي للغاية" و "شديد العدائية" تجاه روسيا، بينما اعتبر دبلوماسيون أوروبيون أن الموقف الأمريكي الجديد يبدو "أقرب إلى الاسترضاء" لموسكو منه إلى دعم أوكرانيا.

 

ضغوط أمريكية على أوكرانيا

وبعد مراجعة القرار الأوكراني، طالبت واشنطن "بتعديلات تجعله أكثر ليونة"، تضمنت "لغة مؤيدة لروسيا"، وفقًا لمسؤول مطلع على المناقشات. وبعد رفض أوكرانيا التعديلات، اقترحت الولايات المتحدة قرارا جديدًا وطالبت كييف بسحب نسختها، التي كانت قد أدرجت بالفعل في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال المسؤول إن المقترح الأمريكي "أصاب الأوكرانيين بالصدمة"، ودفع زيلينسكي إلى إصدار توجيهات لوزارة الخارجية بعدم سحب القرار الأوكراني.

طلب ترامب تجاوز جميع الإجراءات في الأمم المتحدة

وأضاف المسؤول: "اقتراحهم قصير جدًا، ويستخدم لغة جديدة تماما. العديد من ممثلي الدول الأخرى يقولون إن هذا يبدو أشبه بموقف استرضائي تجاه بوتين بدلا من كونه دعوة حقيقية للسلام".

وأشار إلى أن طلب إدارة ترامب من كييف سحب نصها يهدف إلى "تجاوز جميع الإجراءات الممكنة في الأمم المتحدة" من خلال مطالبة أوكرانيا بسحب نصها طواعية، مما يفسح المجال أمام الدول الأخرى لدعم النص الأمريكي.

وتابع المسؤول: "لدينا الكثير من الإشارات إلى احتمالات سلبية، لكن الصادم هو أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على أوكرانيا وليس على روسيا."

ووصف دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى ما يجري بأنه "واضح تماما ولا يحتاج إلى تفسير".


في بيان صدر صباح أمس السبت، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن روبيو تحدث مع وزير الخارجية الأوكراني سيبيها يوم الجمعة "لإعادة تأكيد التزام الرئيس ترامب بإنهاء الصراع في أوكرانيا، بما في ذلك من خلال إجراءات فعالة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة."

كما عارضت واشنطن لغة وردت في بيان كان من المقرر أن تصدره مجموعة الدول السبع الكبرى الأسبوع المقبل لإدانة الهجمات الروسية في ذكرى الحرب، وفقا لدبلوماسيين أوروبيين اثنين. وقال أحدهما: "الصياغة أضعف بكثير من تلك التي استخدمت في السنوات السابقة".

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع ترامب في واشنطن الأسبوع المقبل، في محاولة لفهم موقف الإدارة الأمريكية المتغير تجاه الصراع في أوكرانيا.

تم نسخ الرابط